على حافةِ الرّحيل التقينا في موعِد خِتامي، تحدَّثنا بفتُور وتبادَلنا كلمات محفوفة بالحذر، توقَّفنا على عتبةِ التّرَدُّد قليلاً؛ ثم توادَعنا بلا عودة.
إليكِ رثائي
لا أسفاً عليكِ لكنه حفظاً لِوُّدٍ قديم، وحسرة على أيامٍ جميلة عِشْتها معكِ.
دبَّتْ الشّيخوخة في العلاقة مُبكِّراً، ونسَجَتْ العناكِب خيوطها عليها، ذبُلَتْ زهرة وعودنا قبل أوانها، وغَشي غُبار الوحشة غِشاء قَلبيّنا.
اِنطفأ ما كان مُشتعِلاً في الفؤاد من لهفة، انقضى العهد وتراخَى حبل الوصل حتى تلاشَى؛ فعُدْنا غُرباء كما كُنَّا.
أظُن أنَّ القَدَر قد دَبَّر لنا هذا الخِصام قبل أن يكتب لنا الوئام، وما تجربتنا هذه بمُجملها إلا درس يتعلَّم العُشَّاق منه أسمَى المعاني ونقائضها:
فأنا الصُبح ضياءُ، والبحر بذلٌ وعطاء!
وأنتِ الليل ظلام، والعَراء شُحٌّ وجفاء!
الإيثار طبعي والأنانية شِيمَتكِ!
أنا المعروف وأنتِ نُكرَانه.
وهبْتكِ المزايا جميعها، وقابلْتُ عيوبكِ بالتغاضي، لكنِّي الآن لا أجد بقلبي ما يشفع لكِ، ولم يعد هناك متَّسع للمغفرة؛ فهذا فراقٌ بيني وبينكِ.
نَسيتكِ رغم أنف الشّوق، ونَفَضْتُ قلبي منكِ بعد رحيلكِ كما تُنفَص اليدان من تراب قبر الميت بعد دفنه، واريتُ ذكراكِ ثرى عقلي، وعزمْتُ على عدم نَبْشِها إكراما لِحُرمتها.
-محمد جلي
Discussion about this post