وتقول ليَ المرآة “ما أجملك!…”
لا !…لا!…لستُ ج م ي ل ة…
وهذه الخطوط الّتي تُناغمُ عينَيَّ بجفنِ الوقت ؟…
والنّقطةُ السّوداءُ عَلى خدّيَ الخجول ؟…
قد تركَتْها الشّمسُ المتوقّدة ذات ظهيرةٍ، ذكرًى ناطقة…
كنْتُ أركض في حقولِ ضَيْعَتي ،أَحيدُ عن دروبِ النّمل الدَّؤوبة،
فلا تستخفُّ بارتعاش قلبي بالهدوء …
تلوّحُ* بخصرها النّحيل …أسمع وشوشاتها، وهمسَ القبل…
وشعري الّذي قَصُرَ وكانَ يتدلّى جدائلَ بين يديّ جدّتي…
وجداولَ ، عندما تُسرّحه بيديها الغاليتَين، قبل ذهابي الى المدرسة؟.
أين أصابعي الممشوقة المستسلمة في لحظات استئصال الأعشاب المشعّثة ،المكمِّلةِ لعناء الإنسان ؟…
هو يزرعُ وهي تُفْرِخُ …
يقتلعُها، وتنطلقُ بذارٌ جديدة…
كأنّها ريشاتٌ خضراء مشكولة في محبَرةِ الطّبيعة …
تُدوّنُ في الهواء جذالة الخلق…
هكذا أخلُقُ عالمي الّذي يُشبه البشر: زُؤانًا وشوكًا … قمحًا ووردا …
أغوص بالطّيبة الّتي لا تمتلك خشبةَ خلاصٍ من الغرقِ المخيِّب…
قد لا يُساعدُ الذّكاءُ االطّيّبَ القلبِ ليتّقي الحُفر ، فينزلقُ في الحزن …
وتتخفّى الحقيقةُ خلف الأقنعة …
وتقول لي المرآة”ما أجملك!…
و… وأراني جميلةً…لأنّني لا آبهُ للخطوط المتناغمة حولَ عينيَّ …
ولا للنّقطة السّوداء على خدّي الخجول …
ولن أفتقدَ شَعرِيَ المسترسل، ولا أصابعي الممشوقة…
هي الطّيبة تُؤاخي الذّكاء وتسامحه وتنسى هفواته البريئة …
رأيتُ في مرآتي نورًا يبزغُ من الأعماق !…
والنّور لم يكن يومًا إلّا هذا الصّفاء الّذي لا تُعيقُه المطبّات،
لا تأسرُهُ القيودُ ، ولا تثنيه الأمواجُ عن الإبحار …
ومَن يخطو بينَ سراديب الحياة وفي فؤادِه يُشعُّ النّور ،
لا يغرق … لا يغرق …
يداه خُلِقتا للعطاء …
والعطاءُ أجنحةُ الوفاء للجمال الحقيقي …
يا الله أنت النّورُ فينا !…
قد خَلقْتَ الجمالَ دُونَ كبرياء السّنابل الفارغة…
لتنحني المثقلاتُ في روعةِ الكون …
الحسناء ٢٠٢٢/١١//١٥
#تأمّلات #
( الذّكاءٌ والطّيبة إذا اجتمعا في الإنسان …
الذّكاءُ يخفرُ الطّيبةَ أحيانًا ويحميها…
والطّيبةُ تُغرقُ الذّكاءَ في قلبها إذُ تؤمنُ بالخير في البشر …)
بقلم الشاعرة
حسناء سليمان
لبنان
Discussion about this post