بقلم الكاتبة/ دعاء محمود
في غابة جميلة وارفة الأفنان، تعيش جماعة الطووايس زمرة واحدة، طعام واحد، تعيش بينهم طاووسة بيضاء جميلة، وكأنها عروس يوم زفافها، هادئة مطيعة، لا تشبه غيرها، أحبت ذلك القائد الجميل، ذا الألوان الزاهية، والذيل الرائع العظيم، أوامره مُطاعة، يجذب كل إناث العشيرة؛ يتقربن له بالطاعة، الهدايا، الحب الزائف، إلا تلك البيضاء الجميلة، لم تقترب يوماً، رغم أنها أكثرهن عشقاً، لم تظهر الولاء والطاعة، رغم أنها أكثرهن وفاءً، لا يشوب حبها مصلحة، لم ينتبه يوماً لوجودها، انشغل بكثرتهن حوله؛ كثرة زائفة، قشرة زاهية داخلها سواد وعفن، حلمهن الريادة، السيادة، القيادة مُتمثلةً فيه، لم تحارب قط، ولم تخضع مثلهن.
ذات يومٍ أحب أن يرى مملكته كاملة، صعد إلى شجرة أغصانها وارفة ـ لم ينتبه أحد لغيابه ـ ظل يراقب، شاهد حكايا الإناث عنه، مؤامراتهن، كيف جعلنه يتصرف، ويتحكم، ضحكاتهن العالية، مرحهن في غيابه، نفاقهن، إلا تلك البيضاء، كانت تبحث عن شيء ضائع منها، ولا يعلم أنها تبحث عنه، قرر في اليوم التالي إستكمال الخطة، اتفق مع أحدهم لنشر إشاعة أنه قتله قرب البحيرة، وفي لحظة تبدل الحال، وما كان يفعلنه معه فعلوه مع الجديد، التهافت، التعاون، الحب، اللطف، الإقتراب، والصدق الكاذب، إلا تلك البيضاء ظللت حزينة، لا تقترب، ولا تتجمع معهن، تأكل لتعيش دون أدني روح للحياة، سار ورائها قرب البحيرة ـ دون أن يراه أحد ـ سمعها تلقي نعيه للبحيرة، وتخبرها أنها مازلت تحبه، رغم موته، أخبرت صديقتها البحيرة أنها لا تستطيع البوح حتى وإن عاد.
كرامتها فوق قلبها، وأنها واحدة متفردة، لا تستطيع عيش القطيع مع باقي الإناث.
عرف وقتها من يحبه، ومن ينافق، عرف أن الأمر ليس بكثرتهن.
ظهر في الصباح، أخبر الجميع بما فعل.
عادت الكرة مرة أخرى، كل منهن تبرر فعلتها، تتمسح، تتمادى، قد فهم الحقيقة، ولكنه آثر الصمت، أحب الخيالاء بهن، أحب المتعة الزائفة، أعماه غروره عن التمسك بها وحدها، لم يشأ الإعتراف بخطأ ما فعل كبراً.
عادت الدنيا كما كانت، تستأنس هي بصديقتها البحيرة، ويستمتع هو بحياة الزيف والخداع، حياة ألوانها صناعية، علم أنهن لمن ملك أي كان، وإن مثل تلك البيضاء ليس لها مكان في حياة الكذب والنفاق.
الكاتبة/دعاء محمود
مصر
#دعاءقلب
Discussion about this post