صديقك الرمادي
عمر محمد السميرات
– عمر ! صديقي العزيز، مضى وقت طويل على آخر لقاء بيننا، لقد تغيّرت كثيرًا، لوهلةٍ شعرت أنني لا أعرفك، أحقًا هذا أنت ؟
– اوه، أهلاً، لم تعرفني أليس كذلك؟ علمت هذا، خمّنت ذلك مسبقًا عندما وصلني خبر عودتك من المانيا.
عرفت ما ستقوله من نظراتك المتشككة حول معرفتك بي، أنه هل الذي أمامك هو صديقك القديم؟
عمر، رفيق طفولتك، وأنيس روحك، وبئر أسرارك، وشخصك المفضل الوحيد.
بالنسبة لك، إنني ذات الشخص، بشحمهِ ولحمه، لا زالت بُنيتي الجسدية الهزيلة كما هي، التي لطالما كنت تمازحني عندما تسخر منها.
وأيضًا لا زلت أسمر اللون، وأذكر عندما كنت تناديني دائما بـ “الأسمر”.
ولكن شعري ليس كثيفًا كما كان قبل، إن لحِظت ذلك فقد تساقط جزء كبير منه.
ك شخص بالنسبة لك، أنا هو السابق، ولكن بالنسبة لي، فإن شخصيَ الرمادي راقدًا في قبره منذ سنين طويلة، دفنتهُ بجانب سعادتي المغتالة.
لم أعد ابتسم كما كنت برفقتك، ولا صوت ضحكاتي وقهقهاتي تملأ “بيت الدرج” عند الصعود إلى المنزل كما كنا سابقًا.
استحوذ علي الحزن، وتهيمن بداخلي الظلام، والاكتئاب قد حلّ بديلاً لملامحي التي تلاشت، و العقد النفسية هي من ملأت أركاني وازاحت ذكرياتي الوردية التي كانت معك.
تنظر إلي الآن -يا صديقي الحميم-، لن تجد شيئًا مختلفًا، الحق معك.
ولكن، أمعن النظر قليلاً في وجهي العابس، وتأمل وقفتي المهزوزة، واقرأ ما في عينيْ، ستجد بأني قد أصبحت ضمن ذكرياتك الرمادية، وأني الآن الإنسان المختلف كليًا عمن تعرفه، او عرفته سابقًا.
اوه يا إلهي ذلّ لساني قليلاً، انا لم اختلف، بل انا شخص آخر الآن، وإن جالستني أضعاف ما رافقتني سابقًا في سبيل التعرف علي، واستكشافي، ستفشل فشلاً ذريعًا، يا “صديقي الرمادي”.
عند عودتك لشريط ذكرياتنا سويًا، أوصل سلامي لنفسي القديمة، وبلغها بأني اشتاق لها.
Discussion about this post