بقلم: ماهر اللطيف
وضعت رأسها على كتفي ونحن ننظر إلى أمواج البحر وهي تتلاطم وتتتابع، تعزف موسيقى أروع من معزوفات بتهوفن، تبعث بنسمات تدغدغ الفؤاد وتحرك المشاعر في هذا المساء الصيفي الحار، تداعب قلوب العشاق وتحثهم على البوح بحبهم ونطق جميل الكلام قبل ربطه بحسن التعامل والتصرف.
وكان الشاطئ ممتلئا بالناس، كل يغني على ليلاه وينظم ما طاب له من كلم في مثل هذه الظروف “الخيالية” التي جعلتني أرتمي في أحضان ذلك اليوم المشهود الذي تعرفت فيه إلى حبيبتي هذه (وهي ليست الأولى، وأرجو أن تكون الأخيرة) في مطعم شعبي أين كنت أتناول غذائي هناك وقدمت هي وصديقتها ولم تجدا مكان تمكثان فيه، فاستأذنتاني لتجلسا بقربي، ولم أمانع بطبيعة الحال.
وكانتا منهمكتان في الأكل والحديث بالألغاز، فلم أفهم شيئا، لكنهما كانتا تتهامسان من حين لآخر ما إن لاحظتا أني أسترق النظر إلى هذه الجميلة (حبيبتي الحالية، لأن صديقتها لم ترق لي). وشيئا فشيئا، استطعت أن أتحادث إليهما قبل أن استدعيهما لمقهى فخم لشرب أكواب من الشاي، وانطلقت بالتالي من هناك هذه المغامرة الجميلة.
ومازال الشرود يحلق بي في سماء الذكريات حتى همست في أذني برقة وحنان وشعرها يصفع خدي ويتلاعب برموش عيني:
– أبعد يدك من هناك، الناس يراقبوننا ويلاحظون ما نفعل
– (مقاطعا بدهشة وضاحكا) ويحك، ماذا تقولين؟ أنت ابعدي يدك وأخرجيها من جيب سروالي
– (متعجبة) كف عن هذا الهراء. انظر أين أضع يدي، إنهما بين رجلي.
وفجأة، التفتنا معًا في لمح البصر إلى الوراء. نظرنا في أعين بعضنا البعض وسمرنا النظر.تجمدنا فترة من الزمن ونحن نفتش جيدا أمتعتنا و ملابسنا مرة، ثانية، فثالثة، ونحن مصدومين قبل أن نصيح بأعلى صوتنا وقد لمحنا طفلا صغيرا يركض هاربا نحو الشارع بعد أن كان وراءنا ويداه تحملان شيئا ما: “النجدة، النجدة، امسكوا ذاك الصبي، لقد سرق هواتفنا ومحفظات نقودنا”…
Discussion about this post