بقلم د.عبد العزيز يوسف آغا.
حاول الكثيرون من العلماء السفر عبر الزمن سواء بالعودة الى الوراء أو السفر عبر المستقبل.
ولكن هذه المحاولات لم تكن سوى انتاج افلام ومسلسلات الخيال العلمي.
الآن تتعالى الأصوات للتوجه للسفر عبر الزمن، على الأقل عن طريق سلسة من الدراسات العلمية والذهنية المنطقية.
وفي آذار من هذا العام، نُشرتْ تجربة أظهر الباحثون فيها أنه يمكن تحسين كفاءة المعالج الكمي باستخدام محاكاة للمنحنى الزمني المغلق للسفر عبر الزمن.
ولتبسيط الفكرة أكثر، تخيل أنك ترنو إلى السماء ليلًا وتتأمل النجوم المزينة بها مع صديق لك، وبينما أنتما على هذا النحو يلمح صديقك شهابًا يمر عبر السماء لكنك لا تراه. تشبه التجربة الكمومية عودتك بالزمن لتعديل اتجاه نظرك كي ترى الشهاب الذي يشير إليه صديقك، كما لو كنت تتصرف بناءً على المعلومات التي تعرفها الآن.
وقد استخدم الباحثون في هذه التجربة محاكاة للمنحنى الزمني المغلق لتحسين كفاءة التجربة. بمعنى آخر، توضح التجربة كيف يمكن استخدام محاكاة للحلقات الزمنية المغلقة لتحسين كفاءة الأجهزة الكمومية، وأيضًا بدون الحاجة إلى استبعاد النتائج غير المرغوبة.
ويحرص العلماء على اكتشاف مجالات مجهولة وللقيام بذلك، صمم أرفيدسون-شوكور وزملاؤه تجربة تتضمن ذرتين جهزوهما على شكل كيوبتات فائقة التوصيل لمراقبة تأثير مجال غير معروف يمكن أن يكون كهربائيًا أو مغناطيسيًا أو غير ذلك. وقد تمحور هدفهم المنشود حول مراقبة التغيرات في دوران أحد الكيوبتات لتقدير قوة هذا المجال، لكن إذا لم يعرفوا اتجاه المجال، فلن يتمكنوا من إعداد دوران الكيوبت بصورة صحيحة.
عادةً ما يكون الحل التقليدي لمثل هذه المشكلات هو تحضير العديد من الكيوبتات بوضعيّات دوران مختلفة، ثم استخدام هذه النتائج لاستنتاج قوة المجال، إلا أن هذه الطريقة تتطلب وقتًا طويلاً لتحضير العديد من الإلكترونات التي يتم التخلص منها قبل إجراء القياس.
الطريقة الأفضل هي استخدام التشابك الكمومي لإرسال الحالة المثلى إلى الماضي.
في التجربة، وضع الباحثون أحد الكيوبتات المتشابكة تحت تأثير المجال، ثم شرعوا في إجراء قياس على الكيوبت الآخر المتشابك لإرسال الحالة المثلى إلى الكيوبت الموجود في المجال، بحيث يكون في أفضل وضع لقياس تأثير المجال.
على المنوال ذاته. وقد أبدى لويد إعجابه بالتجربة بقوله إن الفيزيائيين تحدثوا طويلا عن إمكانية إرسال المعلومات الكمومية إلى الماضي، ويضيف: “ما يميز هذا البحث هو أنه ليس مجرد كلام، بل خطا أولَ خطوة عملية نحو تحقيق شيء ما”.
ومن جانبه، يشير لويد إلى وجود فوائد تكنولوجية متعددة قد تنتج عن السببية الرجعية، تشمل مجال الحوسبة الكمومية. كما يوضح أنها قد تكون مفيدة في نظرية الألعاب، وهو نوع من الرياضيات يصمم القرارات الاستراتيجية. لتبسيط الفكرة أكثر، ويشرح لويد أنه في لعبة تحتوي على عدة لاعبين أو جسيمات تتخذ قرارات مترابطة، إذا كان لديهم إمكانية الوصول إلى محاكاة للحلقات الزمنية، فإن اللاعبين لن يستطيعوا الغش. (بمعنى آخر، القدرة على استخدام الحلقات الزمنية ستجعل من المستحيل على اللاعبين التلاعب بالنتائج، لأن القرارات ستتأثر وتُعدَّل مع مرور الزمن، مما يمنع الغش).
إنْ نظرنا إلى الموضوع من منظور أشمل، سنكتشف أن هذا العمل قد يكون سببًا لأخذ تفسير السببية الرجعية في ميكانيكا الكم بجدية أكبر. وتعليقًا على ذلك، يقول عالم فيزياء الكم بجامعة سان خوسيه في كاليفورنيا، كين وارتون، الذي كان مؤيدًا لفكرة السببية الرجعية منذ فترة طويلة: “من الرائع أن الأشخاص في مجال المعلومات الكمومية يدركون فوائد التفكير في هذه التجارب بطريقة مختلفة لتفسير التشابك الكمومي على أنه نوع من الاتصال الذي يحدث بين الجسيمات، ليس فقط عبر المسافات، ولكن أيضًا عبر الزمن، حيث يمكن أن تؤثر الأحداث الحالية على الحالات الماضية للجسيمات المتشابكة. ومن الواضح أنهم استلهموا وجهة النظر البديلة هذه وحصلوا على بعض النتائج الرائعة”، وبالتالي، إذا كانت نظرية السببية الرجعية صحيحة، فهذا يعني أن السفر عبر الزمن موجود ومنتشر بالفعل في كل مكان في عالم الكم.
ويبقى الموضوع نظرياً، ولكن احتمال التوصل إلى حل للمشكلات يبقى أملاً صعب المنال.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post