مسجد سيدى أبو الحجاج ملتقى ثلاث حضارات الإسلامية و القبطية و الفرعونية.
#هويدا_الصادق
العارف بالله ” سيدى أبو الحجاج الأقصري” ذلك الشيخ الذى تجلى الله عليه فألبسه كساء المعرفة ولد بمدينة بغداد وتفرغ للعلم والزهد والعبادة واتخذ من الاقصر مقرا له لنشر دعوته فى الفكر الصوفى.
يقول ” الشيخ حسان عرابي ” أحد أئمة مسجد الشيخ أبو الحجاج إن “سيدى أبو الحجاج الأقصري” اسمه الحقيقي هو ” السيد يوسف عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد بن محي الدين بن منصور بن عبد الرحمن الملقب بشيخ بن سليمان بن منصور بن إبراهيم بن رضوان بن ناصر الدين بن إبراهيم بن أحمد بن عيسي الشهير ابن نجم بن تقي الدين بن عبد الله بن الدين الدني بن عبد الخالق بن نجم الدين بن عبد الله أبي الطيب عبد الخالق بن أحمد بن إسماعيل أبي الفراء الشهير بن عبد الله بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام أبي عبد الله الحسين بن الإمام سيدي علي بن أبي طالب وأمه سيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.
وأضاف ” عرابى ” أنه ولد بمدينة بغداد بالعراق فى أوائل النصف الثاني من القرن السادس الهجري ونشأ في أسرة علي قدر كبير من الورع والتقوي تحت رعاية والده “عبد الرحيم بن يوسف” الذي كان يشغل منصبا رئاسيا في الدولة العباسية وتوفي فى عام ( 642 هـ / 1244م ) بمدينة الأقصر في عهد الملك الصالح نجم الدين الأيوبي عن عمر يناهز 90 عاما، مشيرا إلى أنه حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة وأعده والده ليكون واحدا من رجال الدين وعلماء بغداد وكان يتردد علي حلقات الوعظ والدروس التي كان يعقدها شيوخ التصوف والعلماء في ”بغداد”، ثم دخل المدرسة النظامية في بغداد وتفقه في مذهب الإمام الشافعي.
و واصل ” عرابي ” وفى يوم أتخذ أبي الحجاج قراره بأن يتخذ أرض مصر مكانا لنشر الدعوة فدخل مصر و نزل بالمنصورة ثم انتقل إلي مختلف مدن مصر وانتهى به الحال بمدينة ”الأقصر” بالصعيد، مضيفا بأن بالأقصر كان هناك راهبة مسيحية من أصل رومانى تدعي (تريزة ) وكانت ذات نفوذ وسلطان على مسيحي مصر وتقيم بجوار معبد الأقصر، فتأثرت الراهبة بأبو الحجاج وبأسلوبه الزاهد وتصوفه وأسلمت وتحولت إلي داعية إسلامية، وكانت تتخذ من مقر مسجد أبو الحجاج الحالي سكنا لها ومكان للعبادة.
وواصل حديثه “عرابى ” تفرغ أبو الحجاج للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية والتقى فيها أعلام الصوفية خاصة من أصحاب الطريقتين الشاذلية والرفاعية، سيدى أبو الحجاج الأقصرى تتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولى، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه، ثم عاد أبو الحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائى “صاحب مسجد قنا الشهير”، وأقام واستقر بالأقصر، حتى وفاته فى عهد الملك الصالح نجم الدين الأيوبى عن 90 عامًا، وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وترك أبو الحجاج تراثا علميا، ومن أشهره منظومته الشعرية فى علم التوحيد وتقع فى 99 بابا، وتشتمل على 1233 بيتا، وتوفى الشيخ بالأقصر عام 642هـ، ويقال أنه كان كثير الاعتكاف والانعزال بمعبد الأقصر، ولهذا السبب أقام مسجده بقلب معبد الأقصر.
و بعد وفاة سيدى أبو الحجاج قام نجله الشيخ أحمد نجم بتشييد مسجد يخلد ذكرى والده فى عام 658هـ-1286م فوق أطلال معبد الأقصر، مشيرا إلى أن مسجد أبو الحجاج به قبة تعتبر من الآثار الإسلامية الفريدة وأن مدخل المسجد يطل على معبد الأقصر وبه نقوش ورسومات تسجل تاريخ بنائه من حيث المئذنة القديمة التى تم بناؤها فى العصر المملوكي والمنارة الحديثة التى تم بناؤها فى العصر العباسي.
ملتقى لحضارات ثلاث
يعدُّ مسجد أبو الحجاج الأقصري ملتقى لحضارات ثلاث، إسلاميّة وفرعونيّة وقبطيّة، حيث من أسفله أقيمت كنيسة قبطية من الناحية الغربية، علاوة على كونه مقامًا بين أعمدة وجدران الجزء العلوي لمدخل معبد الأقصر الأثري، الذي شيّده الملك الفرعوني رمسيس الثاني.
طرأت على المسجد عمارات وتوسعات على مر العصور والسنوات، وتتكون مئذنته من ثلاث طبقات، وفي أعلاها مجموعة من النوافذ والفتحات، ويوصف مسجد سيدى أبو الحجاج بأن جميع أعمدة الداخل الثمانية عشر مدون عليها كتابات مصرية قديمة هيروغليفية، وقد أبدع الفنان في تغطية الأعمدة بمون من الحجر الرملي للحفاظ علي النقوش والزخارف من التدمير والتشويه، وأجريت عدة توسعات فى المسجد فت ترميه فى القرن التاسع عشر الميلادى وأوائل القرن العشرين، وفى عام 2009 انتهت أعمال ترميم المسجد فى عهد محافظ الأقصر الأسبق سمير فرج حيث تم تزيين ساحة المسجد بالرخام وأعمدة الإنارة الضخمة.
وأوضح ” عرابي ” ، يحتفل أهل الأقصر بمولد سيدى أبو الحجاج الأقصر كل عام فى الرابع من شهر شعبان وتشهد المنطقة المحيطة بالمسجد طوال أيام المولد حتى الساعات الأولى من الصباح احتفالات جوًا من الروحانية وفنون الشعبية من تحطيب ومزمار بلدي و”دورة ” المولد بها العديد من المظاهر الفرعونية القديمة فهى تطابق تماما ما كان يحدث فى عيد الأوبت الفرعونى، حيث كانت المراكب المقدسة لـ أمون و خونسو تخرج من معبد الكرنك لتقوم بزيارة معبد الأقصر والدورة كل عام موكب أبو الحجاج يطوف مدينة الأقصر يتقدمه جمل يحمل تابوتا مغطى بالأقمشة التى تغطى الضريح، ثم الأقمشة التى تغطى المقابر الخمسة المحيطة بمقام أبو الحجاج و تحمل على ظهور الجمال وهى لأضرحة الشيوخ (الشيخ أحمد نجم- الشيخ عبدالمعطي- الشيخ جبريل ابن عمه –الشيخ المغربي –الشيخ عبدالمعطى عبدالكريم أحد أقاربه).
Discussion about this post