بقلم د. عبد العزيز يوسف آغا.
///////////////////////////////////////////////
أوَّلَ من أشهَرَ مَذهَبَ الماتُريديِّ: هو أبو اليسر البَزْدَويُّ النَّسَفيُّ (ت 493هـ) شيخُ الحنفيَّةِ فيما وراءَ النَّهرِ، له مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ، منها كتابُ أصولِ الدِّينِ، أظهر فيه مذهَبَ الماتُريديِّ، ونصَرَه، وبيَّن أنَّه مذهَبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، وذكر أنَّ أبا الحسَنِ الأشْعَريَّ يوافقُهم في أكثرِ المسائِلِ، وأن بعضَ المسائلِ التي خالف فيها أبو الحسَنِ الأشْعَريُّ وابنُ كُلَّابٍ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ الذين يَقصِدُ بهم الماتُريديَّةَ، وذكر أنَّ مذهَبَهم وَسَطٌ بَينَ المعتزلةِ والجَهْميَّةِ والحنابلةِ والكرَّاميَّةِ .
والمَذهَبُ الماتُريديُّ كمَذهَبِ الأشاعرةِ المتأخِّرينَ في غالبِ الأصولِ؛ كتأويلِ نُصوصِ الصِّفاتِ أو تفويضِ معانيها، وإنكارِ عُلوِّ اللهِ على خَلقِه حقيقةً، والقولِ بأنَّ اللهَ ليس في السَّماءِ، ولا داخِلَ العالمِ ولا خارِجَه، ولا يمينَ ولا يسارَ، ولا فوقَ ولا تحتَ، والقولِ بالكلامِ النَّفسيِّ، وأنَّ كلامَ اللهِ ليس له تعلُّقٌ بمشيئتِه، وأنَّه ليس بحرفٍ وصوتٍ، وأنَّه لا يُسمَعُ، والقولِ بعَدَمِ حُجِّيَّةِ أخبارِ الآحادِ في العقائِدِ؛ ولذلك صار كثيرٌ من عُلَماءِ الأشاعرةِ والماتُريديَّةِ المتأخِّرينَ يَعُدُّون من أهلَ السُّنَّةِ خاصة من انتسب إلى أبي الحسَنِ الأشْعَريِّ وأبي منصورٍ الماتُريديِّ، وجعلوا الخلافَ القليلَ الذي بَينَ المَذهَبِ الأشْعَريِّ والمَذهَبِ الماتُريديِّ خِلافًا سائغًا .
وبسببِ عدَمِ اعتناءِ الماتُريديَّةِ بتوحيدِ الألوهيَّةِ فقد وقع من بعضِ المتأخِّرين منهم مخالفاتٌ في هذا التَّوحيدِ، بل وفي توحيدِ الرُّبوبيَّة، كاعتقادِ أنَّ غيرَ اللهِ سُبحانَه له تصرُّفٌ في الكونِ، وتجويزِ الاستغاثةِ بغيرِ اللهِ سُبحانَه وتعالى.
وبسببِ شُهرةِ المَذهَبِ الأشْعَريِّ بَينَ الشَّافعيَّةِ والمالكيَّةِ المتأخِّرينَ، وشُهرةِ المَذهَب الماتُريديِّ بَينَ الحنفيَّةِ المتأخِّرين، وانتصارِ أعلامِهم للمَذهَبينِ، وانتسابِهم إلى أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ؛ خفيَ على أكثرِ النَّاسِ مَذهَبُ السَّلَفِ في مسائِلِ الصِّفات وغيرِها من مسائِلِ العقيدةِ التي يخالفُ فيه الأشاعرةُ والماتُريديَّةُ السَّلَفَ الصَّالحَ، واختلط الحقُّ بالباطلِ على كثيرٍ من أهلِ العلمِ فضلًا عن غيرِهم، حتى ذهب بعضُ الحنابلةِ المتأخِّرينَ إلى القول بأنَّ أهلَ السُّنَّةِ هم الأشاعرةُ والماتُريديَّةُ هم أهل الحديثِ .
اللهم نور قلوبنا واهدنا إلى الطريق القويم.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post