كان يوسف مستغرقًا في أفكاره وهو يجلس في مقعده بجانب نافذة القطار المتجه إلى مدينة الدار البيضاء. كان يتأمل المناظر المتغيرة بسرعة، وشعر بالطمأنينة لأهمية الاجتماع الذي ينتظره؛ مشروعه الهندسي الجديد الذي وضع كل جهده في تفاصيله. بجانبه حقيبته السوداء التي تحتوي على اللاب توب، قلب المشروع وروحه.
مع هدير القطار وتمايله اللطيف، بدأ يوسف يشعر بالنعاس. حاول مقاومة النوم، لكن عينيه أغلقت ببطء. انغمس في أحلامه، ولم يدرك كم من الوقت مضى حتى استيقظ فجأة على صوت إعلان المحطة القادمة.
ألقى نظرة سريعة حوله، وعيناه تتسعان في دهشة وقلق. حقيبته ليست هناك. شعور بالفراغ اجتاحه، وبدأ قلبه ينبض بسرعة كأنما يلاحق دقات القطار. اللاب توب في تلك الحقيبة يحتوي على كل شيء، كل التفاصيل الدقيقة لمشروعه الهندسي، عمل شهور طويلة.
نهض يوسف بسرعة، وأخذ يبحث في الممرات وبين المقاعد، يسأل الركاب بخوف ممزوج بالأمل. لكن الحقيبة كانت وكأنها تبخرت في الهواء. لم يكن لديه الكثير من الوقت قبل وصول القطار إلى وجهته.
توجه إلى قائد القطار، محاولًا أن يبقى هادئًا رغم اضطرابه. كان قائد القطار متفهمًا، وبدأ فريق الطاقم بالبحث عن الحقيبة في جميع العربات. وبينما كانوا يتفحصون كل زاوية، لاحظ يوسف رجلًا يجلس في الزاوية، عيونه تفر من نظراته القلقة.
اقترب يوسف منه، بشعور متناقض بين الشك والأمل. سأل الرجل بلطف إذا كان قد رأى حقيبته السوداء. ارتبك الرجل وأجاب بتلعثم، مما زاد من شكوك يوسف. لم يمض وقت طويل حتى اعترف الرجل بأنه أخذ الحقيبة عن طريق الخطأ، معتقدًا أنها له.
ولكن يوسف لم يكن مقتنعًا تمامًا. بينما كان يفتح الحقيبة ويتفحص محتوياتها، لاحظ ورقة صغيرة لم تكن موجودة من قبل. فتحها بحذر، ووجد رسالة قصيرة مكتوبة بخط يده: “سيفشل مشروعك إذا فقدت هذه الحقيبة. حظًا سعيدًا.”
أدرك يوسف فورًا أن هذه ليست مجرد سرقة عشوائية. كانت مؤامرة مدبرة من منافسه في العمل، الذي لم يكن يخفي كراهيته وغيرته من نجاحه. كان هذا الرجل قد أرسل اللص لسرقة الحقيبة وتعطيل مشروع يوسف.
تنفس يوسف بعمق، وعاد إلى مقعده ممسكًا بحقيبته بقوة، وكأنه يخشى أن تختفي مرة أخرى. تعلم درسًا قاسيًا في الحذر، لكنه أدرك أن الأمور قد تنتهي بخير إذا ما واجهها بالهدوء والعقلانية. وصل يوسف إلى الدار البيضاء، مستعدًا لمواجهة الاجتماع بثقة جديدة، ويدرك أن طريق النجاح مليء بالتحديات، لكن الأمل والعمل الجاد هما المفتاح لتجاوزها.
وفي داخل الاجتماع، كانت عيون منافسه تراقبه بحدة، لكنها لم تقدر على سرقة عزيمته. استعرض يوسف مشروعه ببراعة، وعلم أن الأمانة والعمل الجاد هما الدروع الحقيقية ضد أي مؤامرة .
Discussion about this post