د. عبد العزيز يوسف آغا.
فبناءً على طلب صديقي التونسي/ الشاعر الهادي بن يوسف الذي طلب مني الكتابة عن الجازية الهلالية، انكببت على المراجع لألخص سيرتها بما يتناسب ومساحة الفيس بوك ، وخرجت بالتالي:
ولدت الجازية بصحراء نجد أوائل القرن الرابع الهجري، واسمها الاصلي ”نور بارق” ونسبها يرجع لدريد احد بطون بني هلال، واخوها الامير حسن بن سرحان كان ملك الهلايل وقائدهم في تغريبتهم الشهيرة من نجد الى تونس، وزوجها الاول الامير شكر ابوالفتح شريف مكة ، والثاني ماضي بن مقرن امير برقة وعاشقها دياب بن غانم فارس بني هلال ومخلصهم من عدوهم اللدود الزناتي خليفة·
والجازية كانت مدبرة امور الهلايل، حيث كانت تقف دائما في وسط معاركهم وغزواتهم لتشجعهم وتحمسهم على القتال والصبر ،ولازالت سيرتها تتردد بين الناس حتى اليوم باعتبارها اهم شخصيات السيرة الهلالية ، ولا ينافسها في ذلك إلا الامير أبوزيد الهلالي سلامة، غير انها على عكس ابطال وبطلات السير الشعبية لم تكن فارسة محاربة وليس لها في الطعان، إنما قوتها تكمن في انوثتها الطاغية، إذ انها كانت اسطورة الجمال الفاتن والعقل الراجع والرأي السديد.
ورواة السيرة الهلالية وصفوها باوصاف شتى منها انها ”جميلة المنظر لطيفة المخبر، بديعة الجمال، عديمة المثال في الحسن والكمال وفصاحة اللسان لا يوجد مثلها في الخلق لا في الغرب ولا في الشرق.
وسادة الهلالية، الامير حسن وابوزيد ودياب بن غانم وغيرهم كانوا يستشيرونها في كل صغيرة وكبيرة، ودائما كان صوتها يعلو حينما تحل بالهلايل النوائب أو يداهمهم الاعداء.
والهلالية كانوا لا يحاربون الا بها، وعندما ازمعوا الرحيل من نجد لتونس اخذوها معهم رغم انف زوجها شريف مكة، لم لا وقراراتهم المصيرية كانت متروكة لها، وابوزيد الهلالي فارس الهلايل وقائدهم قال انها صاحبة ثلث المشورة في بني هلال·
لقد كان لها الرأي والمشورة، في المعارك والغزوات وكانت تحث فرسانهم على القتال وتشجعهم، واذا تخاذل احدهم حتى لو كان الامير حسن تنهره وتعنفه، ومرات كثيرة كان بنو هلال على حافة الهزيمة والهلاك ومع صرخات الجازية وقصائدها الحماسية عادوا للمعركة واستعادوا بأسهم وشجاعتهم وقلبوا هزيمتهم نصرا.
وفي تونس الخضراء ،كاد جيش الزناتي خليفة أن ينتصر على الهلايل الذين فر سادتهم ، حسن بن سرحان ودياب بن غانم والقاضي بدير من ساحة المعركة ، وقفت لهم الجازية وحلت شعرها وانشدت القصائد وحثت الفرسان حتى عادوا الى المعركة وانتصروا.
الجازية كانت من أجمل بنات القبائل العربية في نجد ، وفي صباها خطبها الامير دياب بن غانم ووافق اخوها السلطان حسن غير انه زوجها للامير شكر ابي الفتح الهاشمي صاحب مكة، وانجبت منه ولدا اسمه محمد، ولكنها اضطرت لتركه حينما احتاج الهلالية اليها في تغريبتهم من نجد الى تونس ، وقيل انها هي التي مهدت لخطفها من زوجها شكر عندما اصر على التمسك بها·
وندمت الجازية بعد ذلك، ويجمع رواة السيرة الهلالية على انها احبت شكر الهاشمي وندمت على فراقه، وكانت تقول بحسرة ”فارقت زوجي الذي اعشقه وولدي الذي احبه وفارقت رغد العيش الى الحياة القاسية التي تقوم على النقلة والحرب”، وبعد ان غادر بنو هلال نجدا واجتازوا ارض مصر في طريقهم الى تونس الخضراء التقاهم امير برقة، وحينما وقعت عيناه على الجازية فتن بها، وتقدم لخطبتها ووافق سادة الهلالية بمن فيهم الامير حسن لرغبتهم في ضمان مساندته في رحلتهم لارض الزناتي خليفة، ولكن الجازية رفضت وقيل انها قالت ”لا أرضى برجل غير والد ابني شكر الهاشمي شريف مكة” . وهناك رواية تقول انها تزوجته بعد ان ارسل شكر موافقته الى امير برقة·
والجازية هي التي اشارت على الهلايل بارسال ابي زيد الهلالي واثنين من فرسانهم لاستطلاع مملكة الزناتي خليفة في تونس قبل مهاجمتها، وخرج ابوزيد ورفيقاه يحيى ويونس في رحلة استطلاعية استغرقت خمسين يوما وعرفت في السيرة باسم ”رحلة الريادة” وهناك اسر الزناتي يحيى ويونس وهرب ابوزيد وعاد الى الهلايل بوصف دقيق لارض الاحلام ”تونس الخضراء”·
ومن ثم التقى ابوزيد الهلالي مع الزناتي خليفة في مبارزات متوالية انتهت جميعا بهروب الزناتي خليفة ونجاته.
وبفضل مشورة الجازية تقدم الامير دياب بن غانم محبها الاول لملاقاة الزناتي وقد تنبأ العرافون بأنه: ”لن يقتل الزناتي خليفة إلا دياب بن غانم”، وبالفعل قتله بحربته التي كانت تعرف باسم ”شلفا ذياب” و”سم الساعة” نظرا لخطورتها ونفاذها، وقيل انها كانت لا تنزل الا في لحم ، اي في مقتل وان من اصابته فهي لجسمه السم الزعاف الذي يقضي عليه في ثوان معدودة.
وهذا ما تم للزناتي خليفة. ودخل الهلايل تونس الخضراء تحت قيادة الجازية وابي زيد الهلالي وانتهت تغريبتهم وحققوا حلمهم الاكبر الذي اجتازوا السهول والجبال وذاقوا الضنك والهلاك والتعب في سبيله·
هل ياترى عندنا نساء تشبهها؟!!
دلوني عليها، جزاكم الله خيراً.
على طريق النور نسير،،،،
وعلى المحبة نلتقي،،،،
Discussion about this post