الكاتب… محمد نبراس العميسي
لم أكن قاسي مع تهاني يا رب، كنت أحاول أن أكون سند لها، أزيح عنها كوابس الكآبة الملقاة على عاتقها، وأمسح الدموع كلما تساقطت على خديها الحريرين.
خديها الذي يبدو وكأنه حبات فراولة من مزرعة جنتك، جنتك التي أخبرتنا عنها، قلت أنها للفائزين بها، في تصفيات نهاية القيامة، لكن خديها يا الله أجمل حبات فراولة رأيتهما، لكن خدوش الزمن والذاكرة هما من حاولا قتل تلك الفراولة، الفراولة؛ التي تمينت لمسها، وإبعاد الخدوش تلك، فهما لا يستحقان كل هذا، فهما يستحقان الكثير والكثير من التقبيل والإهتمام.
الإهتمام؛ الذي كنتُ أحاول منحها إياه، فقد كنت أهتم لأدق تفاصيلها حتى لإستفسارات أخبار الجيران والحي حتى صديقاتها في الجامعة.
لكنها لم تهتم لكل ذلك، فهي لا تقدر كل هذا، وإنما تتعمد أن تثير غضبي، غضبي الذي يتحول أمامها كما القط اليتيم، القط اليتيم الذي يكون في الليل لوحده، لا أحد بجانبه، يتوجس في كل ثانية من أي هجوم لأي كلبٍ ضال، ولكن لم تهتم لذلك.
كنتُ أريد احتضانها وتقبيلها حتى لا مشكلة، المهم أن تفهم على أن في هذه الحياة من يفكر بها، ويتمنى لو يستطيع أن يمنح لها الحب، وحدها فقط، لها؛ السعادة، الحب، الأمان، حتى التقبيل.. لا تقول يا الله على أنني سيء الأخلاق، لمَ أخبرك به الآن.
لا، فأنا إنسان ملتزم حتى وإن لم أصلي المغرب بعد، ملتزم أخلاقياً على الأقل، أي أنني لم أبيع ضميري بعد، أي أنني لم أتجرد من أقل إنسانيتي، ومع ذلك فأنا مستعد بأن أبيعه بأقل الأثمان، المهم أن أخذ المقابل واشتري به قمح وزيت للجيران؛ الذي يسكنون في الكوخ المجاور لنا، لا يجدون فيه ما يطعمهم.
أخبرك الآن يا الله، وأنا مستاء جداً، فقط لأن ما عاد لوجودي في حياتها داعي، فهي تخبرني دائماً على أنني سيء، ولا أستحق أن أكون من جنس الإنسان، هكذا يكون حديثها، حديثها الذي يقتل كل رغبةٍ لي بالحياة، فقط لأن حالتها الصحية تسوء يومًا بعد آخر، فما عادت بخير كما قالت، فقد عادت للصفر؛ لبداية مرضها، الذي يفتك بنا.
يفتك بنا بطريقةٍ قبيحة، حتى أنه أحياناً لا ينظر لنا بعين الرحمة وأنت من خلقته يا الله.
خلقته، لكنه بلا رحمه، فهو يقتل كل شيء لنا، حتى طموحاتنا وآمالنا ويقف حاجزاً أمام إرادتنا في تجاوز التفكير السلبي والمرهق الذي يقتل الروح من الداخل.
يا الله أخبرك الآن، وأنا قد قررتُ الإنسحاب من حياتها، فما عدتُ أطيق نفسي معها، لأن بقائي معها؛ يعني بقاء مرضها هكذا قالت، وتقول دائماً.
وأنا لا أريد ذلك، فقط كنتُ أريد أن أمد يد العون لها، أن أخبرها على أنها بخير، حتى وإن كنتُ أكذب أحياناً، لكنها لم تقدر ذلك، لم تقدر شيء، بالعكس تخبرني أنها تمنت لو لم تعرفني.. ما هذا الأسى والحزن وكره كل ما يمت للحياة بصلة معاً؟!
أريد منك يا الله أن تقف بجانبها، فهي خرجت من جنتك؛ بجمالها، و براءتها، وطفولتها حتى بقصاصات أضافرها السكرية، السكرية؛ التي لا ترفع السكر، بل العكس فهي تهدأ الأعصاب وتعطي المرء شعورًا بالحياة مجدداً، وكأنها قبلةُ الحياة، قبلةُ الحياة؛ الذي لم نتلقاها منذُ خرجنا من جنات امهاتنا إلى هذا العفن.
كن معها دائماً يا الله.
Discussion about this post