نجمة عمر علي تونس فلسطين
تمطر الحروف وأكتب بضمير الغائبة فقررت الكتابة بضمير المتكلم الأنا النازفة ..مللنا النزيف حتى ملت الموت منا فمللنا البقاء على قيد الحياة ببلادة في الغرف المظلمة الفارغة ..الغرفة باردة وشمطاء جدرانها المتقشرة وكأنها تشربت دموعي على الوسادة الخالية..مواء القطة لا يسكت وصوتها يزعجني وذلك الغبي في مكان ما يثير جنون لهفتي ..انقطع فجأة المواء فحاولت النزول من فراش متجلد لأرى خطبها لكن الظهر التصق بتلك الأعمدة الحديدية الأربعة وغزت الثلوج الحجرات الأربعة ..هطل مطر عزير أتى على كل الشوق فجرفه وانحنى الفؤاد انحناء العاصفة الهوجاء المتكررة ..برد بلا صقيع..أنفاس تتلاحق على نفس الوتيرة ..نواح خافت مؤلم تلفظه أمواج الحنين ويغرق الليل في قصة وكتاب ..ولا أحد يدري كيف ومتى والى أين يمضي..ركبنا قطارا لا أحد فيه يعرف غيره ..نتحدث لغة لا يفهمها غيرنا،لغة صامتة متأججة ..شعور فظيع بالرغبة في كل شيء ..طفح الكيل من البكاء الشديد وطفح كيلي من مواء القطة المدللة ..لا أدري لماذا لا أجرؤ على ركلها وطردها بعيدا ..لا أستطيع أن أكره..أحب أن أكره رائحة العودة من الحرب..أمقت ذلك الخندق الذي يضم أنفاسه ..
يرغب في الموت بطلا بعيدا عني..ماذا لو أنني أحمل بندقيتي وكفني وأدس في جيب معطفي الكافور والمسك..الحرب تسلب كل شيء منا ..كل شيء يخيفنا..
وتطلق البنادق المستوردة العنبر مشتعلا..والحنين يتبعثر مع كل رجفة و خفقة.. لعنة الحرب ولعنة الموت أخف وطأة من لعنة البعد والشوق والاحتياج المرير لكل شيء..
سمعت في تلك الغرفة نواحا خافتا ..صوت انبعث من الحشا.. في جوفي أنياب تنهش جدار المعدة وكأنها سكاكين تنغرس ببطء وتنغرس أكثر وأكثر ..أحاول شحذ همتي للتخلص من ذلك الوجع الدفين فلا أقدر .كانت أول مرة أحتاج وجه أمي بعد كل الصبر ..تمطر منذ الصباح ..تندب السماء حظنا في الحب..تحمل عنا الغيوم وطأة البعد وتتسلل رمال الصحراء للغرفة الفارغة فتغرق في الشمس وتحترق الستائر وتشتعل نيران الصمت ..نصنع من الرماد لغة..نستسلم لعشوائية الصدف ونرتكب جريمة الحياة باخلاص ونطبق على طريقتنا طقوس الغرام ونوهم أنفسنا باللا مبالاة ..ننصاع للجنون ..ونقنع أنفسنا بأننا لانرتكب الذنب..وأسارع لارتداء جلباب القاضية الغير المذنبة وأسلم مصيري للعبة لا أفقه قوانينها..لعبة القدر ..أحاول أن أفهم.
Discussion about this post