حارة بيرجوان التي كتبت عنها في كتاب “القاهرة.. حكايات من زمن فات” الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع هي إحدى الحارات المتفرعة من شارع المعز لدين الله الفاطمي، وهذه الحارة يتعدى عمرها حاليا أكثر من ألف سنة بكثير، أي أن عمرها يبلغ أضعاف أضعاف أعمار بعض الدول المحيطة بنا، وقد سكنها قديما أمير الجيوش بدر الدين الجمالي، وهي تنتهي من الناحية الغربية بحارة الشعراني التي نشأ بها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وهي حارة قديمة تنسب لأبي الفتوح بيرجوان خادم الخليفة الفاطمي العزيز بالله، والذي أصبح فيما بعد مدبرا لمملكة الخليفة الفاطمي غريب الأطوار الحاكم بأمر الله والذي كانت نهاية بيرجوان على يديه، حيث أصدر أمراً بقتله بعدما عظم نفوذه وكان ذلك في سنة 1000.
أما بوابة الحارة التي تبدو في الصورة فقد جددها الأمير سليمان أغا السلحدار في سنة 1829، وهي موجودة حتى الآن في مدخل الحارة من ناحية شارع المعز لدين الله الفاطمي بالجمالية، وكانت هذه البوابة تغلق قديما على سكان الحارة قديما من بعد صلاة العشاء مثل باقي بوابات حارات مدينة القاهرة وذلك بواسطة البواب الموكل إليه هذا الأمر، وهذه البوابة تعد واحدة من الآثار التابعة لمنطقة آثار شمال القاهرة وتحمل رقم 713.
والجدير بالذكر أن المخرج حسين كمال قد أخرج فيلما باسم “حارة برجوان” عن رواية كتبها الروائي إسماعيل ولي الدين، وكتب له السيناريو والحوار السيناريست مصطفى محرم وقام ببطولته كل من نبيلة عبيد ويوسف شعبان وحمدي غيث وأحمد عبدالعزيز وعرض في سنة 1989.
والصورة المصاحبة للمقال لها حكاية، حيث صورتها بكاميرا الموبايل الخاص بي منذ فترة، ووقتها بكل صدق كنت أريد تصوير البوابة وحدها دون أن يظهر في الصورة أي شخص، وهو ما استغرق مني وقتا طويلا حتى ظهرت البوابة أمامي وليس أمامها أحد، وبسرعة خاطفة مرت من أمامي وقتها سيارة عطلتني ثوان معدودة عن التقاط الصورة، وحينما أردت التقاط الصورة مر ذلك الرجل الذي يبدو في الصورة ليعبر البوابة، وفي هذه اللحظة التقطته عدسة كاميرا الموبايل.
ورغم أنني كنت قد حزنت في البداية لأن الصورة لم تأت كما أرغب، إلا أنني بعدما تأملتها فرحت بها جدا، فهذا الرجل الكبير مع هذه البوابة العتيقة لهذه الحارة العريقة يمثلون حالة فريدة قلما تتكرر، ومن وقتها وأنا مغرم جدا بهذه الصورة، ولذلك فقد كنت حريصا على أن تكون هذه الصورة مرافقة لما كتبته عن حارة بيرجوان في كتابي “القاهرة.. حكايات من زمن فات”، حيث جاءت تلك الصورة دون قصد مني معبرة عما أردته من وراء نشر هذا الكتاب، حيث جمعت بين الحجر والبشر، وكأنها تعبر عن حكاية قاهرة المعز.
Discussion about this post