كتب الكاتب محمود أحمد صدقي
أنا لا اقاوم ؛ أنا اتأقلم .
أتخبط حتى تتنفخ عيناي من الأقلام والخبطات ، وأظل منجرفاً مع الأمواج حتى تلقيني بشاطئ جزيرة صغيرة مهجورة ليست من الخارطة في شئ ، فإذا ما علا الموج مرة أخرى أغرقها وجرفني ، فأظل منسلتاً من مقاومتي حد الإستفزاز ؛ أعلم أني لم أهبط منذ سنون كثيرة ، لكني سأهبط يوما لا محالة ، وإن قضيت ما تبقى لي متلاطما بين الرطمات والصدمات تباعا فلا ضير ، فإني امرؤ اعتاد ذلك .
وصدقني حين أقول لا تسبح عكس التيار ، ولا تجاهه حتى ، بل أرخ يديك ودع نسمات الهواء العليلة تملؤ رئتيك التالفتين ، واترك الهواء يقود طريقك ؛ لقد جربت المقاومة قبلك لسنين فما زادني إلا تخبطاً وتيهاً .. ولقد حاولت السير مع من ينجرف فيما ينجرف كل شئ .. فتغيرت المواسم والفصول ولم أكن أعلم ، وهواء الجنوب بات شماليا ، وموج الشرق أصبح غربيا ، فتلاطمت فوقي ظلمات البحر أكثر وأكثر ، حتى علمت أن المرء لا يَحل ولا يربط ، ولا ينفعه إعمال عقله في الحياة ولا قوته مع الدنيا ، لا غلباً ولا مغالبة ؛ دعها ولا تجزع ، وأفلتها ولا تتشبث .
لا يزول الألم بمقاومته بل يستمر ويزداد ، ولا يزول بتقبله بل يستمر ولا يزداد ، فالثانية أَوْلَىٰ ، وأنت في غنًى عن الزيادة .
فقط .. تأقلم .
Discussion about this post