بين يدينا كنز ثمين مدفونًا فينا ولم نعثر عليه بعد على الرغم من إنه قريبًا منّا ولن نتجشم أيُّ عناء إذا أردنا العثور عليه وتوزيعه فيما بيننا، ولن ينقص منه شيء حال التوزيع والعطاء بقدر مايزيد منسوب دافعيتنا لخوض تجربة بسيطة ومحتملة وجذلة، لو لم تكن كذلك لولا هذا الكنز المنسرب من بين أيدينا..ألا وهو كنز الكلمات العذّبة مِنها على وجه الخصوص.
كلمات التحفيز العذّبة تساعدنا على الإستمرارية حتّى وإن كنا على دراية بأن مآلاتنا ضبابية. لا أنكر أن كلمة: أنت مشروع أستاذ يشبهني يامحمد ويتجاوزني في الأستذة مستقبلاً، الّتي قالها لي استاذ مادة القرآن الكريم وأنا صغير في الصف الأول الإبتدائي جعلتني أواظب على دراستي وأعكف على المذاكرة حتّى صعدت بالعلامة الكاملة إلى المرحلة الإعدادية.
وفي المرحلة الإعدادية، كانت مادة العلوم صعبة وقاسية عليِّ، وكان التوزيع الإلكتروني بمداره الأول والثاني والإلكترون والبروتون يشكلا لي المخاوف رغم محاولاتي الكثيفة لإستيعابهم، إلى أن جاء الأستاذ محمود- مدرس العلوم- في المدرسة وأخبرني: أنت مشروع عالم كبير كجابر ابن حيان في المستقبل بإذن الله يامحمد. استوعبت بعدها المادة ونجوت من رسوب محتمل. مرّة أخرى كلمة: أنت مشروع تحفزني للمواظبة على دراستي والعكوف على كتبي حتّى صعدت بالعلامة الكاملة إلى المرحلة الثانوية.
وفي المرحلة الثانوية، كانت مادة الرياضيات عصيّة على الفهم، خاصة على طالب تستهويه المواد الأدبيّة مثل: القرآن الكريم، التربية الإسلاميّة، والأدب والنصوص والبلاغة، ومادة القراءة، ومادة المجتمع، إلى أن جاء الأستاذ أحمد-مدرس الرياضيات- وأخبرني أنت مشروع عالم كالخوارزمي في المستقبل يامحمد. استوعبت بعدها المادة وتجاوزت المرحلة الثانوية بعلامة تنقص عن 90 درجة.
مرّة أخرى كلمة: أنت مشروع تحفزني وتدفعني فيما بعد إلى الإلتحاق بالجامعة وسط ظروف الحرب والشتات القاهرة.
وفي المرحلة الجامعيّة، أعترف إنْني كبرت على هذه الكلمة ولم يعد بمقدورها تحفيزي؛ لكنني كنت أتصاغر حينما أسمعها، تعود بي إلى المدرسة ومراحلها وتستجيش عاطفتي. كنت أسمع بين الفينة والأخرى: أنت مشروع كاتب. أنت مشروع مفكر. أنت مشروع أديب.
لا تستهينوا بقيمة الكلمات، تكلموا كثيراً وحفزوا غيركم، أجعلوهم يمضون في الحياة حالمين ومؤملين. الناشئة منهم على وجه الخصوص.
﴿ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء﴾
Discussion about this post