أنجبتُ ذلكَ الولدَ الطويلَ …
أبيضَ الوجهِ ،
و القلبُ أكثرُ
و جاءَتنا معادلاتُ الربِّ
اختلفنا ، و لم أعترضْ
قلتُ يا ربي أحبُّ ذلكَ الولدَ
قال أحبُّهُ أكثرَ
و انتهي الحديثُ لصالحِ الربِّ .
كان يمشي علي الأرضِ
و ليستِ الأرضُ مِلكا خالصا
هل جرَّبتَ المشيَ علي السماءِ ؟
ليس بوُسْعِ أبيكَ إيقافُ الحروبِ …
و لا قتلُ الزواحفِ
الحراشيفُ النفسيةُ تغطي قلبَها
و في العيونِ منها سراديبُ و نتوءاتٌ باديةٌ
أنتَ لا تنظرُ في عيونِ الزواحفِ أو في قلوبِها ،
لا تراعي توقيتاتِ الحروبِ إنما تُنظِّمُ أوقاتَ الربِّ وفقَ أولوياتِكِ القُصوَي
و لا تَكُنْ – إياكَ يوما – قائدَ حربٍ و لا مفاوضا في أعقابِ قتالٍ
إنما نحن و الربُّ أصدقاءٌ
نقولُ انظرْ يا أللهُ كيف يسيرُ العالمُ ؟
و حينَ نضعُ الخططَ البديلةَ لا نتتظرُ أنْ يُغيِّرَ الربُّ مسارَ الأحداثِ ؛
فلماذا يا ولدُ نواصلُ وضعَ الخططِ و تمزيقَ الأوراقِ في سلَّةِ المهمَلاتِ ؟
سأعطيكَ ورقةً بيضاءَ
أعطيكَ خططا ممتدةً لحدودِ البغيِ و البغيِ المضادِّ ،
أمَّا البغيُ المتجدِّدُ – فأنتَ تعرفُ
لا يتوقفُ البغيُ عن التجدُّدِ
علينا أنْ نُطعمَ العصافيرَ
تركَ لنا جَدُّكَ عصافيرَ خضراءَ قليلةً و غابةً مَلْأَي بأنواعِ المفترِساتِ متدنيةِ الرُّتبةِ
و حين اشتعلَ الرأسُ شيباً أطفأْنا اشتعالَهُ بالضَّحِكاتِ و المُقَبِّلاتِ الروُّحيةِ .
أغنيةٌ صغيرةٌ تَفلَّتَت
و انتثرَتِ الألحانُ و تَدَاعَي الرقصُ
الدَّوزَناتُ الصغيرةُ تتركُ أثراً كبيرا
تفكَّكَت عُرَي نَغْمةٍ و انْحَلَّ اللحنُ الكبيرُ في الأوصالِ
خشباتُ المسرحِ تُدلِّكُ أقدامَ المُغَنينَ و فرقةَ الموسيقَي
هكذا استراحَ السامعونَ و تنُوسِيَتِ الأوجاعُ علي مرأًي من الربِّ
هربَ الملحنُ تحتَ السَّجادِ و استغاثَ الربَّ للعازفينَ و عمالِ الإضاءةِ :
“يا ربي إنهم بنُوكَ ؛
فلا تتركْهم لآلياتِ السُّوقِ و التوازناتِ الدوليةِ ،
أما كاتبُ الكلماتِ فخَفِّفْ عليهِ انصبابَ اللعناتِ
و لا تُنْزِلَ السِّتارَ عليهم إلا بتصفيقِ السامعينَ
حتي إذا انقلبوا إلي البيوتِ عادوا تَقطُرُ الألحانُ منهم و قد تَشققتْ أيدِيهم ”
تكتملُ الأغنياتُ بالابتسامِ ،
بالبكاءِ ،
بالسَّيرِ إلي النهاياتِ علي صدَي الأنغامِ و امتدادِ الصوتِ بآهاتِ المغَنِّينَ ،
بانتهاءِ الرفيقينِ كلٌّ في طريقٍ
و حينَ يزدادُ الشَّجَنُ تتنزلُ الملائكةُ و تنشطُ الشياطينُ
هكذا هكذا … حكمةُ الربُّ تترسخُ
تَجرِي الأقدارُ مسرعةً تتكفَّأُ
تعلو الصرخاتُ و تُكتَسبُ الحكمةُ التاريخيةُ و تجاربُ البشرِ
و المغَنُّونَ في قِبلةِ الربِّ و تحتَ عروشِ الشياطينِ في خدمةِ الإنسانيةِ و إنفاذِ الإرادةِ القاهرةِ
غَنِّ
ابكِ
اعملْ
مُتْ قريرَ العينِ أو ساخطا
أنا الربُّ
قالَ اللهُ
و قالَ كلُّ متكبرٍ جبارٍ .
إصبعانِ صغيرانِ لفتاتينِ تَأْتلقانِ
أشَعَّتا في ظُلْمتي فانتبَهتُ من نومٍ سَرمدِيٍّ
تُشيرانِ رقيقتينِ في قاعِ عيني …
في قُبَّةِ السماءِ ،
في البراحِ الممتدِّ لبهاءِ الربِّ
تفتحانِ القنواتِ إلي القلبِ حتي لا تموتَ أعشابُهُ
تَعبُرَانِ إليَّ فأشكرُ الجُسورَ و أوقولُ ما علي الربِّ فيما بعدُ إنْ هدمَها
نَبْتَتَانِ من إلفٍ و مودةٍ خالصينِ
هذا حقليَ الخَرِبُ يزدهرُ ،
و الأنوثةُ الجانيةُ تُكَفِّرُ عن خطاياها
أَقبِلا تتفتحْ لي مَسّراتي و تَنغلِقْ فُوَّهاتُ البراكينِ من حولي
تصعدُ البنتانِ في قلقٍ طفوليٍّ بريءٍ السَّلَّمَ المشتركَ لبيتٍ عائليٍّ
تعلَّمتا :
– أن الحقدَ القريبَ ينبُتُ علي الجُدُرِ الإسمنتيةِ لبيوتِ العائلةِ
– أنَّ الشخوصَ الشريرةَ في الرواياتِ و الكتبِ التاريخيةِ مأخوذةٌ من واقعِ زوجاتِ الأعمامِ و القريباتِ
– أنَّ الرجالَ بالصمتِ المُشينِ يَكتَفُونَ في نهايةِ المؤامراتِ و العذابِ الطويلِ بالقولِ “يوسفُ أَعرِضْ عن هذا”
– أن الانصياعَ الكبيرَ لظُلْمةِ النفْسِ و أهواءِ الزوجاتِ يصنعُ التاريخَ و الإبداعَ العميقَ للدراما المأساويةِ
– أنَّ امرأةً خنفساءَ الرُّوحِ تُلقِي كُناستَها علي ثيابِهما و شُرفتِهما التي منها تتنفسُ الشقةُ ،
و زوجُها يذهبُ و يأتي منتفخَ العُروقِ
– أنَّ رجلا يقودُ رَهْطا من النسوةِ و الرجالِ الخانعينَ ليكونَ كبيرَ عائلةٍ ،
لا يشبعُ من جشَعٍ و لا يهداُ من الحقدِ داخلُهُ
– أنَّ الناسَ يسكتونَ مهما ادلهمَّتِ الخطوبُ علي جيرتِهم
– أنَّ امرأةً في خلفيةِ الأحداثِ كلِّها تقفُ آمرةً زوجَها و من خلفِهِ الرجالَ التوابعَ
تعلَّمَت كيدَ النساءِ في محضنِها و حملَتهُ إلي حيثُ أقامَت و هي ذميمةٌ
– أنَّ أخري تُنفقُ بسخاءٍ علي خنقِ حياتِهما البسيطةِ
تبيعُ و تشتري بالمالٍ و تقطعُ الأرحامَ
– أنَّ مرتزقةً يُؤَجَّرونَ علي ذويهِم في حربٍ عائليةٍ ،
يتناسَونَ الفضائلَ ممتهِنينَ أقبحَ المرذولاتِ في حربِهِمُ الدميمةِ
《المُنَغِّصاتُ المتكرِّرةُ تأخذُ بخِناقِ الرُّوح مهما بدَت صغيرةً》
صغيرتَيَّ لا تبتئسانِ
و انسيا ما عَلَّمكما الآخرونَ
سأواصلُ من أجلِكما اشتعالا دائما
و من خلايا القلبِ أنصبُ خيمةً و أبسُطُ لكما ممرًّ أمانٍ
أيُّ دراما لم تَكتُبْ مأساتَها ؟
أيُّ قابيلَ جَمَّعَ القوابيلَ من حولِهِ ؟
و أيُّ حمَّلاتِ حطبٍ يأكُلنَ أيامَ الفتاتينِ ؟
و فيما يباشرُ الربُّ مهامَّ تسييرِ الأكوانِ و وضْعَ مصفوفاتِ الخلائقِ تنامُ في وداعةِ فتاتانِ كأنما فراشتا ضوءٍ نامتا
كأنما زهرتانِ علي مُرتَفعٍ أنيقٍ تستجيبانِ لخَفْقِ النسيمِ
كذا ابتدأَ الخَلْقُ
يَسكنُ آدمُ و زوجتُهُ الجنةَ
و تسكُنُ الأرضَ الأحقادُ و المكائدُ قبلَ بَنِيهِ
و آدمُ يحملُ علي كتِفَيهِ خطايا بَنِيهِ و يبحثُ عن غرابٍ ليهتديَ بهِ
و مع الذين أضلَّ من غرابٍ سكنَّا الأرضَ
حمَلْنا خطاياهم علي الأكتافِ و ضلَّتِ الغربانُ الطريقَ إلينا
لكنْ …
لم أَضِلَّ الطريقَ إلي فتاتيَّ و لا ضلَّتا الطريقَ إليَّ .
تحتَ مِشكاةِ الربِّ أوراقٌ مُفرَّقةٌ
أسماءُ مُفردةُ في دلالتِها مجموعةُ في أحزانِها
كذا تكونُ هناكَ الجموعُ و المفرداتُ
أما المُثَنَّياتُ فلها شأنٌ بعيدٌ
تُقَلِّبُ الملائكُ بين يديها الأسماءَ
و غيرُها قائمٌ و طَّوَّافٌ
و آخرونَ رُّكَعٌ سُّجودٌ
أيُّها الملائكةُ العاملونَ :
الأرضُ يهزُّها الحزنُ و الخوفُ
نَبَتَ الاعتراضُ علي نظامِ الربُّ تَغْذوهُ الأمطارُ الحمضيةُ :
– أنتَ تركْتَ الفوضي تَعُمُّ و اختلَّ ميزانُ العدالةِ عَبْرَ سلاسلِكَ الغذائيةِ
– الغزالةُ أكلَ رئمَها الأسدُ المتسلطُ
– الجسدُ الجميلُ يُقَوضُهُ السرطانُ
– أينَ أنتَ من الجرائمِ الإنسانيةِ للحروبِ ؟
و الربُّ يضحكُ و يضحكُ
يغضبُ و يغضبُ
أنا لم أجلسْ إلي الملائكةِ و لا هُم حادَثوني
أما الشياطينُ فَهُم يعرفونَ طريقي
الرجلُ الذي أعرفُهُ يعرفُ الربَّ جيداً
أزيدُ :
و يرضي تماما عمّا يصنعُ
و أنا رضيتُ بالرجلِ و أبحثُ عنِ الربِّ كي أكلمَهُ :
أنا لا أريدُ الطريقَ إليكَ
أريدُكَ أنتَ
تفهمُني طبعا
ما شأنُ الذين ينكرونَكَ ؟
و حينَ أجلسُ معكَ ،
أيُّ رسالةٍ تُحَمِّلُني إليهم ؟
أَكَلَ الناسُ طريقي و صبري
يدِي التي أمسَكْتَها و أطلقْتَ أيدِيهم
قلبي الذي صغيرٌ و انحشرَ الكونُ فيهِ
لا تؤخر لقاءَنا أكثرَ
أريدُ أنْ أشكوَ إليكَ كثيرا
و أنْ تَربِتَ علي كتفِي
لا تجعلْ الآخرينَ يحضرونَ اللقاءَ الأولَ
سأخجلُ من الحديثِ المفتوحِ
فلا تتركْني تملأُ الأوجاعُ القديمةُ قلبي .
أحمد نورالدين
مصر
Discussion about this post