معرِضُ كتاب أم “معرِص” كتاب؟!
كتب محمدإسماعيل تحت وطأة سخرية لاذعة يقول:
إن من الواضحات أن معرض الكتاب بالنسبة لكُتاب هذا العصر هو في الحقيقة (مَعْرِص كِ، كُ تاب)
حيث أن الناشر يحابي الكاتب المشهور بإبراز كتبه كل حين، في صورة، وفيديو، وبث مباشر، و يكاد الناشر يهجم على الكاتب المشهور ليبرز خصوصياته وألوان بوكسراته اليومية بحفاوة شديدة على صفحة الدار الرسمية…!
وحيث أن الكاتب المحظوظ بعائلة كبيرة تسد عين الشمس وأصدقاء عمل_ سيما لو كان مديرا في أي مجال_ فيفعل مثلما يفعل رئيس ما، يحشد الجموع لأخذ اللقطة حتى لو بمجاملات باردة !
وحيث عشرات الكُتاب يهادون بعضهم بنسخ من أعمالهم ليلتقطوا التصاوير وهم يوقعون لبعضهم لتعويض نقص ما، فيبدو مشهورا يتهافت القراء على مؤلفاته، ليبتسم ابتسامة عريضة تبدي فرحته بجمهوره خلف حزن عميق مختفٍ لأنه يعرف بأنه بلا جمهور، خصوصا لو كان يستحق !
فالكل في بوتقة الحيرة وبعض الإحباط وقليل من الملل وملعقتين كبيرتين من الادعاء والتصنع و… “كوكتيل”
إن القاريء الحقيقي يذهب ليشتري ما أعده في قائمته مسبقا بعدما رتب ما في جيبه من مال، بالطبع مع ارتفاع سعر الكتاب لن يغامر ب50جنيه لكتاب لمؤلف لا يعرفه…!
والكاتب الحقيقي هو هذا الذي في ذاكرة القاريء الحقيقي بدون تدخل المجاملات والرغبة في بروباجاندا سخيفة، حتى لو كانت مطلوبة في سوق هذا الزمان العجيب، بعدما تحول الكاتب لبائع متجول ينادي بعلو صوته على نتاجه الذي لا يضاهيه نتاج على تلك الأرض، سوق كبير وفوضى وصخب، والبقاء ليس للأصلح، بل لمن حنجرته قوية ويملك موهبة الترويج مع أشياء أخرى…!
لا زال الكاتب الحقيقي مهموما، ويزداد همه بشراسة عند وضع تلك الكلمة في نهاية كل عمل “تمَّت”، لأنه بشكل لا إرادي سيتساءل:
أين القاريء الذي سيقرأ؟!
سؤال بات الجواب عليه أشبه بمعضلة فلسفية!
ويا لحظك أيها الكاتب “النِمس” صاحب الصداقات النسائية الوعرة، هييييح، سيكون قرير العين بعد تمرير الشاشة بأصبعه لاستعراض تلك الوشوش الطرية بجانبه مع كتابه، ويقول في نفسه:
إتخفت صور الذكور والرجال التي تشبه صور المساجين والذين تلاحقهم العدالة تحت شعار (إبحث مع الشرطة)
أما الكاتب الذي يخشى المفاجأة، حيث يمسي القاريء مؤمنا به ويمسي كافرا، قد يبيعه بعرض قليل من الكتابات الرديئة الشعبية، فهو يريد أولا معرفة مَن وكم عدد من سيستقبلونه على باب معرض الكتاب بجريد النخل وهم يغنون (طلع البدر علينا…) ليتخذ القرار بالذهاب للمعرض أم لا، ويذهب للشاطيء أروق ويشكي همه للسمك، ويغني للبحر.
في الحقيقة، وكلمة في الحقيقة في حد ذاتها تشعرني أنني فيلسوف هه، في الحقيقة نحن الكُتاب نكتب لأنفسنا لكننا عُنينا بما لم يكلفنا به أحد، فنحشر انوفنا عنوة في كل كل شيء لنكتب، نكتب فحسب، ثم نتساءل: أين أنت أيها القاريء الحقيقي؟، إنت فين ياعرب، عليا الطلاق لك وحشة ااجدع.. علئبو تقل دم أمك ههه
ويتوه الكاتب الحقيقي في زحمة كُتاب الزيف، أو المؤلفين لما يطلبه المحششون، فيكتب رواية عن قاضي محشش يحكم في قضية مخدرات، وحيث ساد جو الدماغ بالقاعة فينادي الحاجب قبيل دخول القاضي وبيده “الجوب” التمام: محششه، بصوت جهوري، فيقوم الجميع ليقعدوا لأخذ نفسين وسماع أقوال الشاهد الذي لم يعرف عن أي شيء يشهد..، رواية ستحقق نجاحا باهرا وسيباع منها خمسين مليار، عفوا،خمسين مليون، لا لا واسعة دي، خمسين ألف نسخة…
ولا يُسمع صوت الكاتب الحقيقي في خضم صدى الصوت المستبد لخوار عجل السامري..!
ومع كل تلك المظاهر يضيع النص الحقيقي، الذي لا شهرة لصاحبه، ولا أحد يقف بجانبه لأنه وحيد في هذا العالم!
أذكر أول مرة أقمت فيها حفل توقيع، وكنت أسمع وأرى حفلات التوقيع، كنت منبهرا وخلتني وسط الجموع تنهال علي تساؤلات وإشكالات القراء الحقيقيين الذين قرأوا كتابا لي حتى ولو لم يعرفوني أو لم يكونوا أصدقاء على فيس بوك، كنت حالما، وأخذت زوجتي ونفرين كانا عاطلين في هذا اليوم واستأجرت سيارة من جيبي الخاص لأفاجأ بأن الناشر حتى لم يكن موجودا، يخرب بيتك عزيزي الناشر، حتى أنت تخليت عني؟!
نظرت لزوجتي، قالت لي: وقع لي نسخة بخطك، وهنا انتابتني القشعريرة مدمجة مع خيبة الأمل، آااه يا عزيزتي، لو كنت أعرف ذلك لوفرت تكاليف السفر واشترينا تورتة واحتفلنا ووقعت لك أفضل توقيع عرفته البشرية، حتى الشخصين الذين بديا كما لو كنت خاطفهما لم يشتريا كتابي، بل أهديتهما نسختين لم أعرف ما مصيرهما وما مصير الشخصين حتى الآن، يخرب بيتك ايتها الكتابة بجد، جننتينا، المجد للمحششين!
وحتى لا أطيل، إن معرض الكتاب عرس ثقافي عظيم نالت منه روتينية الشخصية المصرية ورغبتها دائما في تعويم القيمة بالنظر لغير جوهرها بل لمظاهر ومجاملات لا تمت للنص الحقيقي بصلة!
أعجبني ما قاله صديقي الشاعر سعيد عبدالغني في حوار صحافي معه:
( سأكتب ولو كنت أنا القاريء الوحيد لي)
بالنهاية فالمجد للحقيقيين ولو بعد حين لأن الله لا يضيع أجر المحسنين، وطبعا أنا ككاتب مشهور واخذت وافر الحظ أحببت فقط التعبير عن بعض الولاد الكتاب الجدد، بيفكرونا بباكورة تجربتنا، وال نا هنا للعظمة، واخدين بالكم طبعا، تصبحوا على خير وموعدنا يوم الجمعة 9/يوليو بجناح دار اسكرايب صالة 1 جناح C17
ولا تنسوا استقبالي بجريد النخل، وهاتوا جريد كتير أعزائي القراء..
#رواية
#ذوات_مهملة
#عزبة_الخواجة
#معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب2021
#محمدإسماعيل
Discussion about this post