للتِّينِ والزيتونِ
سرُّ الكافِ في التكوينِ
سرُّ الحزنِ في موَّالِنا العربيِّ
سرُّ النَّايِ في أرضِ المواجعِ،
والرُّسُلْ
فبأيِّ ماءٍ
سوفَ يملؤني الفراتُ لأغتسلْ؟
مهجورةً..
يا غابةَ التِّينِ الذي قطعوا يديهِ
ولمْ يقاطعْهُ النَّدى
مهجورةً..
يا غابةَ الزيتونِ من دفءِ التِّلاوةِ
في الضُّحى
مهجورةً..
ويداكَ يا عربيُّ
لمْ تفتحْ كتابَ الغيمِ
أو تصفو لبوصلةِ البللْ
هل صرتَ يا ابنَ الماءِ ناراً
حينَ تخبو تشتعلْ؟
هل صرتَ زادَ الحربِ في ليلِ الغُزاةِ،
وبردِهِمْ؟
هل صرتَ لُعْبةَ ليلِهِمْ
وقتَ الهروبِ من المللْ؟
عمَّرتَ نفسَكَ بالخرائبِ،
والمحنْ
وعبدتَ ذاتَكَ في الخفاءِ،
وفي العَلَنْ
وكفرتَ بالأرضِ التي
شدَّتْ إليكَ رِحالَهَا
لتكون ضيفًا في الوطنْ
أصبحتَ يا ابنَ الماءِ
ضيفًا في الوطنْ
وتركتَ أمسكَ عاريًا
تحتَ السماءِ
وفوقَ أرصفةِ البلادِ الباردةْ
هل تذكرُ التاريخَ يا ابنَ الماءِ،
والصحراءِ، والشهداءِ،
والسِّيَرِ السَّجينةِ في الكتبْ؟
بالأمسِ كنتَ سلالةً
لدمٍ نقيْ
لدمٍ يُفاخرُ بالترابِ،
وبالنسبْ
كانتْ خيولُكَ
تُطْعمُ الصحراءَ زهوَ صهيلِها
كنتَ الدَّليلَ
إلى سماءِ الفاتحينَ
إلى بيوتِ الأوَّلينَ
وكانَ سرُّ التينِ والزيتونِ لكْ
كانت طيورُ اللهِ
من فوقِ المآذنِ تسأَلَكْ
فهلِ الطيورُ الآنَ تعرفُ منزلَكْ؟
الآنَ لمْ يُصْبحْ خَراجُ الأرضِ لكْ
فحِصانُكَ العربيُّ
في أرضِ المعاركِ
قَدْ هَلَكْ
والخيلُ والبيداءُ صارتْ
تجهَلَكْ
أصبحتَ يا عربيُّ
مثلَ الكذْبِ في شعرِ الغَزَلْ
لا التِّينُ يسألُ عن حقولِكَ
في الصباحِ
ولا المساءُ اختارَ للزيتونِ دربًا
كي يصلْ
فاشربْ دمي
كمِّمْ فمي
واقرأْ قصائدَكَ الجديدةَ
في المديحِ،
وفي الهجاءِ،
وفي البكاءِ على الطللْ.
*
كلمات الشاعر
السيد الجزايرلي
Discussion about this post