مواقيت عمرٍ بائس قضَّ الصبا
أحبال صمتٍ يبقرُ الأحشا بالخبا
يراعات أصنام تخلت تبغِ الحِما
من وطأة الأنواء فالدماء أضحت فَلاه
جرثومة الأيام تنحت في نزيف الدِما
يباب إنسانٍ انزوى بين الرفات فاكتوى
يراقب الغيمات يستجدي منها قطرا روى
إذ فجأة توقفت عقارب الساعات تناجيني أنا
تعساً عهدتكَ يابن آدم مسلوب القوى
عبثاً شهدتك تعربد في سرابات الجوى
هل أملك انتظار رشفة حظٍ قد تنال من الهوى
واغربتاه.. أراني أمخر في أقبيةٍ تجتاح الرؤى
مبتورةٌ أحلامي موؤدةٌ أوهامي.. مغردةٌ لاءاتي
والوجدُ في خاصرة الأوقات يضحى بَلا
سأقول لا وألف لا ولن يذهب عمري سدى
سأغير التاريخ وأعود أدراجي حيث المرابض هنا
سأجوب أكواني مُسافرا.. لكن ظعني شواهق الرُبا
بلا مغارات.. بلا افتراءاتٍ..
بلا تسويف.. أو ضياء قد انطفى
سأعانق بين فرادس الحسان لمى
سأنشر رايات السلام وشارات نصرٍ غردا
هاهوذَا العدُّ التنازلي.. هاقد بدَا
لم يبقَ من الوقت لديّ سوى القليل
لأني أردتُ الرحيل…
فلمَّا هممت بذاك السبيل
أتتني المعاول تمزِّقُ جاداتِ يأسٍ طويل
حملتُ المتاعَ.. تركتُ الضِياعَ لوطنٍ بديل
فحُلمي مسكنٌ بسيط جميل….
بلا غَمد سيفٍ..بلا رشق رمحٍ
بلا قرعُ حربٍ لشعبٍ أصيل
ومازال الخريفُ طويلٌ طويل
ومازال بصري يرى المُستحيل
ومازال حرفي كما السلسبيل
يشجُّ الظلام وصوت العويل
يُزمجر كليْثٍ.. كعنقاءٍ صحافُه تتشحُ السرابيل
سئمتُ انتظاراً..
فَهاكَ التشرذمُ وهاكَ التشرُّد
وهاكُم صحاري الضمير تؤتي الثِمار
وهاكم أقاحي وهاكم ينابيع فكِ الحِصار
وهائنذا رتقتُ النتوء ومحوت انحسار
كطودِ بنيان مرصوص فوق ذا الدمار
غريبٌ أنا تحت وطأة قرٍّ
لكنّ قومي رسموا بُستان القرار
وقتئذٍ— سيزهرُ الكهدَل وتشمسُ الصغار
وغيثٌ عميمٌ يُهدينا..
إكليل الغار….
بقلم الشاعر أحمد فاروق بيضون
Discussion about this post