كتب … خطاب معوض خطاب
الفنان مخلص البحيري الشهير باسم سيد كشري يعد واحدا من الفنانين الذين شاهدناهم كثيرا في الأعمال الفنية الرمضانية، ورغم أن معظم أدواره في هذه الأعمال كانت قصيرة إلا أنه كان يبدع في أدائها، وتعد شخصية سيد كشري في مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” هي أفضل الشخصيات التي جسدها في الأعمال الدرامية الرمضانية، وبخلاف ذلك المسلسل شارك أيضا في مسلسلات رمضانية كثيرة منها مع الكاتب أسامة أنور عكاشة في الجزء الخامس من “ليالي الحلمية” و”وما زال النيل يجري” و”النَّوَّة” و”ضمير أبلة حكمت” و”زيزينيا” و”عصفور النار”، كما شارك في أعمال أخرى منها “أخو البنات” و”الوسية” و”محمد رسول الله” الجزء الرابع و”عمر بن عبد العزيز” و”ليلة القبض على فاطمة” و”أوبرا عايدة” و”التوأم” وغيرها.
وكان البحيري طبيبا بيطريا عاشقا للفن ومخلصا في حبه له، كما كان مثالا حيا على أنه ليس من الضرورة أن يكون الفنان بطلا في أدواره حتى يترك بصمة أو علامة لا تنسى، فكم من أبطال كبار لا يذكرهم أحد، وكم من فنانين أصحاب أدوار ثانوية خلدهم الجمهور، والمؤكد أنه يعد واحدا من الذين خلدهم الجمهور، فمن ذا الذي لا يقر بنجومية وإبداع الفنان الذي قام بتجسيد شخصية سيد كشري في مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي”، فهو واحد من عشاق التمثيل الذين عملوا طوال حياتهم في الظل ولم يشعر بهم أحد، حيث عشق الفن وذاب في حبه حتى أنه ضحى بعمله كطبيب بيطري في وزارة الزراعة من أجل الفن، وكان طوال عمره يعمل بالفن من أجل الفن فقط، فقد كان مخلصا لعمله ولا يعمل من أجل الحصول على المال أو بحثا عن الشهرة.
وذكر لي الصديق والشاعر الكبير الأستاذ محمد مطر والذي كان من الأصدقاء المقربين للفنان الكبير مخلص البحيري طوال ما يقرب من 20 عاما، أن الفنان الكبير كان من الفنانين المثقفين المحترمين، كما ذكر لي أنه قد زارت عدة مرات في بيت عائلته بإحدى قرى البدرشين، وأن بيت عائلة الفنان الكبير كان قصرا كبيرا مبنيا على الطراز القديم، والبحيري من مواليد مركز البدرشين بمحافظة الجيزة في يوم 12 سبتمبر سنة 1943، وتخرج في كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة وعمل لسنوات كطبيب بيطري بوزارة الزراعة، ثم التحق بعد ذلك بمعهد الفنون المسرحية وتخرج فيه سنة 1973، وفور تخرجه عمل بالمسرح وشارك في عدد كبير من المسرحيات، ومن أهمها “أهلا يا بكوات” و”الساحرة” و”غراميات عطوة أبو مطوة”، ومن أشهر أعماله السينمائية فيلم “أرض الخوف” و”أيام السادات” و”ناصر 56″، و”الساحر” و”حكايات الغريب” و”سيداتي آنساتي”.
ورغم أن معظم أعماله الفنية التي شارك.فيها كان يؤدي فيها أدوارا ثانوية إلا أنه كان يؤديها بإتقان وتمكن وحرفية شديدة، وهو ما يظهر بوضوح في دوره الصغير الذي أداه في مسلسل “ما زال النيل يجري”، ولكن الدور الذي ترك أثرا كبيرا وعلامة لا تنسى عند الجمهور كان دور سيد كشري الذي أداه في مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي”، والغريب أن المرشح الأول لهذا الدور كان الفنان فتوح أحمد، والذي اعتذر عنه لانشغاله بأداء العمرة وقت بداية تصوير المسلسل، وهكذا شاء القدر أن يمنح الفنان مخلص البحيري دورا أظهر من خلاله قدراته الفنية العالية ومنحه قدرا من النجومية عوضه سنوات طويلة عانى خلالها من عدم تقدير موهبته الكبيرة.
وكانت مشيئة القدر أن يلحق الفنان مخلص البحيري بالرفيق الأعلى في يوم 29 أغسطس سنة 2001 إثر حادث أليم، حيث كان مسافرا بصحبة أسرته في سيارته الخاصة، وبينما هو في طريق مصر الأسكندرية الصحراوي إذ قابلته سيارة أجرة حاول تفاديها ولكن اختلت عجلة القيادة في يده وانقلبت سيارته عدة مرات قبل أن تسقط في الملاحات، ونتج عن الحادث وفاته ووفاة زوجته وابنه الصغير، بينما أصيبت ابنته الكبرى وشقيقة زوجته بإصابات متفرقة.
Discussion about this post