الشاعرة
فائزه بنمسعود
🖋📜رؤيتي في قصيدة(منذ التقينا) للشاعر
المتألق مطير العوني
Ouni Mtir
——————————
القصيدة:
منذ التقينا
وأنا أرتّب أوجاعي،
أربّت على ضجر الصّبر،
وأنت بقلبي خافقة تزهرين
منذ التقينا
وأنا أتدرّب على النسيان،
النفس تأبى،
النفس تتلظّى
فذاك اللّسان
كالهجير حارق،
لادغ كالزمهرير
منذ التقينا
وانت الهواء الذي أتنفّس،
أنت فرحي العارم،
الهازم صهيل حزن
بعد حلّ وترحال
تكدّس
منذ التقينا
وأنت معي،
أنت في،
نبض قلبي،
زهرة روحي أنت
وأنت شريان دمي
وحدي أنزف،
لك وحدك أعزف
لحنا شجيّا،
وحدي أعرف أن عمري
لحن ناي حزين
منذ التقينا
وأنت الفرح القادم
خبر انتصار
بالعدوّ تربّص
وأنا من الحزن نابت،
ثابت في الدّهشة والأنين،
كل فصل يحوّلني التعاقب
شهب اشتياق،
كتلة من حنين
مطير العوني
——————-
فهل الشاعر على مذهب جلال الدين الرومي حيث يقول:
[ليس كل ما في القلب قابل للبوح..هناك ما يولد ويموت ولا يفصح عنه]؟
ونحن أمام شاعر (ثابت في الدهشه والأنين)
بنبرة حزينة نقف مع هذا القصيد وقفات جمالية شفيفة نحس معها نبض خفوق الكلمات ونلامس فيض الأحاسيس المرهفة
عنوان القصيدة(منذ التقينا – ومنذ تفيد ابتداء الغاية في الزمان او المكان وفي هذا القصيد أفادتها معا)
هذا اللقاء الأول والذي قد يكون صدفة بلا ميعاد ولا موعد محدد مسبقا،كان يوما مشهودا وبات مرجعية وبداية التاريخ عند الشاعر لنَقُـلْ كان مولد نور الحب والبعث…
وعادة اللقاء الأول يكون بطعم الفرح والابتهاج…لكن عند الشاعر هذا اللقاء كان خزان أوجاح وصبر بطعم الضجر
…لقاء أجج نار الشاعر فما لون هذا اللقاء يا ترى؟
قد يكون عبَـر أحدهما جنب الآخر في غفلة من الزمن فانجذبا لبعضهما بعفوية ونما حولهما حقل جاذبية ممغنطا
إنه طلسم العشق وكيمياء الحب والتعريف العلمي لكيمياء الحب
(هو تأثير فسيولوجي يتشكل من عدّة عناصر كيميائية في الجسم إذا كانت في ترتيب معين في الوقت والمكان المناسبين فينتج عنها تناغم وانجذاب بين الأشخاص وهو ما يسمى أيضاً “الحب الحقيقي”.) فهل انتبهت المرأة الطيف لحضوره فيها؟
وربّما تعانقت العيون وتشابكت النظرات،ومضى كل في طريقه…فيا ترى ماذا كانت ارتدادات هذا الزلزال العشقي؟
أولها إزهار هذه المرأة في خافق الشاعر رغم وجع البعاد أو وجع الشك
إذ قد تكون المعشوقة لا تلقى من الصبابة والوله ما يلقاه عاشقها حيث يقولها مصرحا
(منذ التقينا
وأنا أرتّب أوجاعي،
أربّت على ضجر الصّبر،
وأنت بقلبي خافقة تزهرين)
ثانيها قد يكون شك العاشق في محله ويكون الحب من طرف واحد وإلّا لماذا يتدرّب على النسيان؟
منذ التقينا
وأنا أتدرّب على النسيان،
النفس تأبى،
النفس تتلظّى
فذاك اللّسان
كالهجير حارق،
لادغ كالزمهرير
وفي كل الحالات وحتى إن كان هذا !!لماذا يحاول الحبيب كتمان هذا ؟لماذا يسبح ضد التيار ،؟وتيار الهوى جارف لا يصمد أمامه العتاة فكيف بقلب مرهف الحس أحب بعنف؟
والقلب إذا أحب عاند وتحدّى وقاوم
وضحى وقبل بكل متاهات العشق
من سهاد وضنى ودموع وترويض للصبر -هي التي باتت له النّفس والنبض والهواء والماء فهي ضرورة حيوية بدونها يفقد فرحةالحياة وكل أمل
وهذا اللقاء أعطى معنى لوجود الشاعر
(منذ التقينا
وانت الهواء الذي أتنفّس،
أنت فرحي العارم،
الهازم صهيل حزن
بعد حلّ وترحال
تكدّس)
قصيد زاخر بألوان التيه والحلم والحب الصادق والأحاسيس الفياضة نقلها لنا الشاعر عبر شلال من الكلمات القوية المعنى
(منذ التقينا
وأنت معي،
أنت في،
نبض قلبي،
زهرة روحي أنت
وأنت شريان دمي
وحدي أنزف،
لك وحدك أعزف
لحنا شجيّا،
وحدي أعرف أن عمري
لحن ناي حزين)
شاعر متلبس بحب هذه المرأة حد النخاع ومن رأسه حتى أخمص قدميه
—المقطع الأخير
منذ التقينا يؤكد اللقاء وتبادل رحيق الغرام
(وأنت الفرح القادم
خبر انتصار
بالعدوّ تربّص
وأنا من الحزن نابت،
ثابت في الدّهشة والأنين،
كل فصل يحوّلني التعاقب
شهب اشتياق،
كتلة من حنين)
كما نحس بأن العاشق بلغ أعلى درجات الحب وأكثرها اكتمالا أي (الهيام) ووجد حرية مطلقة في التعبير
عمّا يختلج في روحه من مشاعر لامنطقية وغير عقلانية(أنت الفرح القادم//وأنا من الحزن نابت//ثابت في الدهشة)
مطير العوني شاعر التوافق الكبير بين الروحي والمادي حيث قصيدته هذه عبارة عن رغبة في إيجاد نوع من التراسل بين عالمه المادي وعالمه الروحي
(زهرة روحي أنت//وأنت شريان دمي)
فالمشاعر عنده تتحدث وتلوّن أطياف النفس وذلك بخلق ألفاظ ومعانٍ مبتكرة (فذاك اللّسان//كالهجير حارق//لادغ كالزمهرير)
لتحفيز مشاعر المتلقّي لاستيعاب شعره بلمحات جمالية
منذ التقينا( عبارة تعود مطلع كل مقطع أي تتكرر وظاهرة التكرار هذه ليست مجانية بل هي وسيلة أدّت هنا دورا تعبيريا وأوحت بإلحاح هذا العنصر المكرّر على فكر الشاعر وشعوره أو حتى لا شعوره ومن ثمَّ فهو منبثق من أفق رؤياه بين لحظة وأخرى
وهذا التكرار متولد من إحساس الشاعر وانفعالاته لذلك أغنى المعنى وأصّله كما نستشعر سيطرة الشاعر عليه وتوظيفه في موضعه بحرفية عالية،والتكرار عند الشاعر
ليس مجرد ترديد لعبارة معينة بل هو وسيلة لغوية تنبض بالاحساس وتبرز شاعريته
والسؤال هل كتب الشاعر فيض حبه؟
وإن فعل فما بال هذي الــ(منذ التقينا) كشفته ،وعرّت نوبة العشق التي يحياها بلا انقطاع
لذا أقول: (لا تكتم الحب يا صغيري فالحب كالحمى له أرق وعرق ورعشة
وشحوب وذهول وكروب) وكل العشاق في الحب أطفال…
قصيدة تأخذنا لعشقيات شاعر يعيش الحب بروح متصوف مقيم في محراب ملائكي الأطياف طاهر الأعطاف
———-
ملاحظة
أنا لست ناقدة ولا أملك أدوات النقد أنا مجرد قارئة أتماهى مع الاثر بروح الشاعرة
فائزه بنمسعود
Discussion about this post