مَلِكٌ مِصْرِيٌ يجهله الكثيرون
جلالة الملك حافظ دنيا.. ملك فارسكور الأول والأخير
كتب … خطاب معوض خطاب
حكاية جلالة الملك حافظ إبراهيم دنيا ملك فارسكور بدمياط ووالد الدكتور محمود حافظ إبراهيم دنيا رئيس المجمع العلمي ورئيس مجمع اللغة العربية تعد واحدة من الأحداث الهامة التي تم تهميشها في تاريخ مصر، والحقيقة أنه توجد العديد من الأحداث والأمور المهمشة في تاريخ مصر الحديث والقديم، منها أحداث ثورة 1919 التي قام بها الشعب المصري في مختلف ربوع مصر بعدما أمرت السلطات الإنجليزية باعتقال الزعيم سعد زغلول ورفاقه ثم نفيهم إلى مالطا، حيث أعلنت بعض البلاد المصرية الإستقلال عن حكم الملك فؤاد الأول الخاضع لسيطرة الإنجليز.
وقد كتبت من قبل عن حكاية جمهورية زفتى التي أعلنت إستقلالها بقيادة المحامي يوسف الجندي وشقيقه عوض الجندي، واليوم أكتب عن حكاية مملكة فارسكور بشمال دلتا مصر التي أعلنت إستقلالها عن التاج المصري في نفس توقيت إعلان إستقلال جمهورية زفتى، حينما قام الوجيه حافظ دنيا ابن فارسكور بإعلان نفسه ملكا على فارسكور وما يجاورها من بلدان وخروجه على حكم الملك فؤاد والإحتلال الإنجليزي، وقد استمرت فترة حكمه كملك لما يقرب من 100 يوم.
وقد بدأت الأحداث بقيام الوجيه حافظ دنيا ضابط البوليس المصري بقيادة مظاهرة شعبية تضامنا مع سعد باشا زغلول ورفاقه، وتوجهت تلك المظاهرة ناحية مركز الشرطة وقام المأمور بتهديدهم بأنه سيدعو الإنجليز ليضربوا المتظاهرين بالقنابل ويهتكوا أعراضهم، وعلى الفور زادت ثورة الأهالي الذين قاموا باقتحام مركز الشرطة واعتقلوا المأمور ثم قطعوا أسلاك الهاتف كما قاموا بخلع قضبان السكك الحديدية.
وبعدها قام وجهاء المدينة بعقد اجتماع في منزل شيخ البلد وأعلنوا الإستقلال وقاموا بتنصيب الوجيه حافظ دنيا ملكا على فارسكور وما يجاورها، وقاموا بتشكيل حكومة ضمت عددا من الوزارات منها الحربية والبحرية والحقانية والمالية، كما أنشأوا لجانا مدنية قامت بتنظيم الإدارة والقضاء، وأصدروا فرمانا يحدد حدود تلك المملكة من البحر المتوسط وبحيرة المنزلة حتى نهر النيل ومدينتي المنصورة ودكرنس.
وبالطبع لم يقف الإنجلبز مكتوفي الأيدي، حيث حاولوا الدخول بقواتهم عن طريق البر ولكن قامت قوات مملكة فارسكور بقيادة الملك حافظ دنيا بمواجهتهم والتصدي لهم، وعندها تدخلت البحرية الإنجليزية وقلبت موازين المعركة حيث أصبح قوات المملكة محاصرة بين القطع البحرية الإنجليزية والقوات البرية، وفاوض الإنجليز الملك وطالبوه بتسليم المدينة فوافق حرصا على حياة الأهالي على شرط أن تبتعد القوات الإنجليزية عن فارسكور مسافة 3 كيلو متر.
وقام الإنجليز بقتل أحد أطفال فارسكور كان قد اقترب من معسكرهم وعندها ثار أهالي فارسكور مرة أخرى وحرقوا معسكر الإنجليز، فقرر الإنجليز اقتحام المملكة وعندما اقتربوا منها أصدر الملك حافظ دنيا أمرا يقضي بتلطيخ جميع نساء المملكة أجسادهن بروث البهائم حتى لا يعتدي عليهن أحد من جنود الإنجليز، وبالفعا دخل الإنجليز المدينة عنوة واعتقلوا الملك وقدموه إلى محاكمة عاجلة حكمت عليه بالإعدام قبل أن تخفف الحكم وتصدر أمرا بنفيه خارج فارسكور، حيث تم نقله إلى القاهرة بالقطار أمام الآلاف من أنصاره ومحبيه الذين ظلوا يهتفون باسمه حتى أمرهم بالرحيل.
Discussion about this post