بطريقة ما
هذا الدم على المحارم البيضاء
الدم الذي سال بكثافة بين فخذيّ
وكوَّن بقعًا على البلاط؛
كان ليصير طفلًا.
قلتُ لنفسي: إنه مُجرَّد دم
شيء بسيط،
مثل أن يجرح المرء إصبعه.
وتخيَّلتُ طفلًا بحاجبين كثيفين
يخرج من بقعة دم
ويتعثَّر في الرواق.
لا أُفكِّر بالعالم
ولا أهتم للأطفال
حين يضحكون عاليًا
أتمنى أن يسكتوا
وحين يدورون طلبًا للمال
أتمنى أن يذهبوا بعيدًا
وقد توقفتُ عن رؤية نفسي في كل طفل مكتئب.
تجرعتُ سنوات كثيرة
لأبتعد سريعًا عن طفولتي
وشربتُ كل يوم تقريبًا
حتى أقدر على الضحك
ورحَّبتُ باليد التي تطلب رقصة
لأن الحب جميل
وسعيد
الحب طفل.
أغمضتُ عينيَّ،
وبورقة ملفوفة من فئة المئتين
استنشقتُ رمادًا أبيضًا..
ثم صَمَتُّ لليلة كاملة،
التنفُّس وحده
كان يجعلني أنتشي.
عرفتُ بوجود طفل في داخلي،
لكني قلتُ،
وأنا أشرب النبيذ من الزجاجة:
بأني أريده ميتًا.
في الصباح التالي
ابتلعتُ حبوبًا مُهرَّبة داخل عربة المترو
وقلتُ: سيموت في الشارع
سيكون طفلًا ميتًا وجميلًا.
دخَّنتُ علبة سجائر كاملة
حين بدأتُ أشعر بالتوعُّك
أصدقائي قالوا بأني أتسبَّب بالكآبة لهم.
اعتذرتُ سريعًا وقضيتُ ساعتين في حمَّام عموميّ
يمكن للدم ألَّا يتوقف أبدًا.
سال طفلي دمًا ومخدراتٍ وكحول ونيكوتين
وأعرف أني لم أشعر بشيء
ولم أتألَّم كثيرًا..
لكني فكَّرتُ
وأنا أغسل الدم عن البلاط
بأنه كان ليصير إنسانًا
وأني أحمل داخل جسدي
خزانة مليئة بالأطفال،
أطفالٌ بحواجب كثيفة
وعيون مُلوَّنة
وبشرات داكنة.
وخرجتُ أدور أمام السيارات
العالم خارجي أكبر من أن أفهمه
العالم داخلي أكبر من أن أفهمه
أصدقائي حضروا لجرِّي بعيدًا
وقالوا أني أتسبَّب لنفسي بالكآبة
بينما دسستُ في جيب معطفي
طفلًا في كيس بلاستيكيّ.
قالوا أيضًا بأن الحياة جميلة
وأنني شابة
وأحدهم تحدَّث بتردُّد عن طبيبٍ جيِّدٍ
وأمسك بذراعي
بينما بكيتُ
وأنا أُدخِل يدي الأخرى في جيبي
وأصافح طفلًا صغيرًا
قرَّرتُ أنا أن يحضر ميتًا.
آلاء حسانين
“الحب الذي يضاعف الوحدة”
Discussion about this post