لعل أجمل ما يمكن أن نبدأ به ندوتنا الموسومة:”سيكولوجية السعادة وتعزيز الحصانة النفسية”,:” الله يغفر الأخطاء ,لكن الجهاز العصبي لا يغفرها.” وهي العبارة الذهبية التي أطلقها ابراهام ماسلو مؤسس علم النفس,كما أنّ القلق لا يستطيع أن ينزع أحزان الغد,ولكنه يسرق قوة الحاضر.”
انّنا نعيش على الصّحة النفسية كما الجسدية,ولا غرابة في ذلك ,حيث اعتبر صاحب كتاب الاشارات والتنبيهات:ابن سينا :”الجسد آلة النفس,وفي الصّدد عينه اعتبر فيلسوف العقل ديكارت ومؤلّف كتاب ” انفعالات وأهواء النفس” بأنّ لا شيء يمنع سعادة الانسان أوالشعور بالرضا أكثر من الشهوة والحسرة والندم.” من هُنا أهمية امتلاك رغباتنا بزمام العقل,وأن نطبق مقولة سبينوزا صاحب كتاب اصلاح العقل:”الانسان مَقُود بعقله بالضرورة.” ” لاتعش في حياتك أسيراً لأي شيء في العالم”.
1
وانّه لَمِن الأهمية بمكان التأكيد على أهمية الصّحة النفسية في زمن اليأس المتعدد الوجوه والتناقضات السلوكية.
وسنُوجز في هذه المقالة التي نحن بصددها أبرز القواعد الذّهبية في الصّحة النفسية السليمة وآلية تعزيز الحصانة النفسية :
أولاً: العقل هو مملكة السعادة(تفعيل القوة التفكيرية والتحليلية للعقل وamygdala) وهي منطقة صغيرة مسؤولة عن سُرعة البديهة.
ثانياً: محاربة الكآبة (عدوّة السّعادة) ووقود الانتحار أو الموت الارادي.
ثالثاً: أهمية البحث عن مستلزمات السّعادة النفسية وتكريسها في حياتنا: كالحُب لأنه جوهر الطمأنينة ومرتع الأمان,ونستذكر عبارة ساطعة بالابداع لأريك فروم القائل: “انّ المحبة فن ,اذا مارسها الانسان بجدارة فهي ضمانة للصحة النفسية.”,والتسلّح بالأمل لاقصاء اليأس لتحقيق الانسجام النفسي .
رابعاً: تعزيز النقاط الايجابية في الشخصية وتنمية القدرات والمهارات,والعمل على الغاء نقاط الضعف من معالم الشخصية.
خامسا: ممارسة الهوايات المفضّلة تبعاً لنظام أسبوعي أو شهري في اطار خلق قوة انتعاش للدماغ.
سادساً: تعزيز الثقة بالنفس وعدم جلد الذّات أو تعنيفها في اطار المازوخية او تعذيب الآخر السادية,ومحاسبة النفس بخلوة ايجابية وخلق وابتكار محفّزات للسعادة الفيزيولوجية والسيكولوجية.
سابعاً: القضاء على أوقات الفراغ, ولعلّنا نلتمس بقوة عَظَمة وأهمية قول أمير البلاغة والبيان الامام علي(ع):”قيمة المرء ما يُحسنه.”
ثامناً: تدريب العقل على التعامل بمرونة مع الصدمات,وبأنّ الحياة هي عالم الممكن والمستحيل,وأن نكون جاهزين لكل الاحتمالات ممّا يساهم بتعزيز المناعة النفسية.
2
تاسعاً: ان ااكتشاف عظمة النفس هو نقطة التحوّل في التماس السّعادة الحقيقية,بمعنى أن نحب ذواتنا ونثق بها ولكن ليس لدرجة الافراط المُبالغ الذي قد يصل الى درجة جنون العّظمة.
عاشراً: التخفيف من درجة الحساسية المُفرطة ازاء الأشخاص والمواقف,وبالتالي,عدم رفع مستوى التوقعات الايجابية من الآخر وضرورة تنمية قدرات النفس واستثمار طاقتها وتدريب العقل على الصبر ورباطة الجأش في المحن أو المصاعب.
اذاً,تكمن سيكولوجية السعادة في واجهة الشعور واللاشعور ,الوعي واللاوعي,حيث لا يوجد شعور الاّ ويحاول كل انسان أن يتحسّس سعادته حتى وهو في اوج الكآبة,وما الكآبة الاّ صراع النفس ونضالها لاستحواذ الاطمئنان في السّعادة.
ويبقى القول:بأنّ الانسان في مرحلة تعلّم دائم ابّان سيرورة الحياة,وما السلوكيات السّوية المتوافقة مع نفس ايجابية الا بطاقة تعريف عن الشخصية الناجحة مع نفسها وفي المجتمع.
Discussion about this post