مُحاصَرٌ مثل غـ.زّة..
حيثُ الأحبّةُ يُطَوّقون خاصرتي
بحدودٍ من أسلاكٍ شائكة
وحوائط خرسانية طويلة
كأحزانِ النّازحين،
حيثُ أبناءُ دمي
يفرّطون في دمي
ويسلّمون رقبتي
لمقصلةِ الظالمين!
حيثُ الأملُ خُدعةٌ نفسيّة
يصدّقها الّذي نجى بأعجوبةٍ
من صواريخِ الموتِ والشّتات..
مُحاصَرٌ كطفلٍ صغيرٍ..
فقدَ كُلَّ عائلتهِ قبل قليل
والآن تُلجِمُهُ أسواطُ الذّكريات
أصواتُ الأهلِ
وعراكهُم الحنون
عشيّة يومِ الجُمعة..
صوتُ أُمّه الدافئ
وهي تُوقظه كُلّ صباح،
الزّي الكُحليُّ
والجريُ العبثيّ..
في ممرّات المدرسة
لكي يحصل على المقعد الأوّل.
بأحلامهِ الكبيرة،
وقلبهِ الأبيض
الّذي لم يرَ
من سوادِ الحربِ والإبادة
إلّا ما شاهدهُ الآن..
بضحكاتهِ البريئة
وحُبّهِ الخفيّ لبنتِ الجارة
بكرّاساتهِ المُطرّزة
وأقلامهِ المُلّونة
وشعرهِ النّاعم
قبل هذا القُحطِ والرّماد..
كان يحلُمُ
بحياةٍ أخفّ وحشيّة
وأهلاً،
يموتون موتاً طبيعيّاً.
مُحاصَرٌ مثل غـ.زّة..
أنا يوسفُ يا أبي
إخوتي أسقطوني في البِئرِ
وساروا
يتّهمونني في غيابي
بأنّي ولدٌ شقيٌّ
وأنّي خرجتُ
عن طوعهم
فأكلني الذّئب..
تركوني وحيداً يا أبي
أُقاسي عتمةَ البئرِ
وأصواتَ الأرضِ المُخيفة
ما ذنبي يا أبي
سوى أنّي فتىً مؤمنٌ
أحبّهُ الله
فحسدهُ إخوتهُ..
بقلم الشاعر محمد الرتيمي … ليبيا
Discussion about this post