كما في الرياضة البدنية حيث نحتاج إلى تدريب متواصل حتى نصل إلى اللياقة البدنية، بعد مدة نعاني فيها من آلام في المفاصل والعضلات، كذلك القراءة حيث قد يعاني المبتدئ فيها من حالة الرفض الداخلي لمواصلة القراءة وعدم القدرة على الاستمرار، ولا تزول هذه الأعراض إلا بعد مدة من مواصلة القراءة والإصرار عليها، لذلك لا تصدقوا من قال، إن القارئ يولد محباً للقراءة، العلاقة بينك وبين الكتاب مثل العلاقة بينك وبين الطرف الآخر، لا يمكن أن تحبه دون أن تعايشه، لذلك تذكر أن القراءة عادةٌ جميلة جداً ومفيدة وهي تحتاج دائماً إلى الصبر…
ان القراءة درع يحمي عقول الشباب، ويحرّر الإنسان من قيود الجهل والانقياد للأفكار الهدامة، فنور المعرفة يزداد كلما زادت حصيلة القراءة وتطور مستواها، فللقراءة مستويات مختلفة، فأولها يكون رغبة في البحث عن المعارف والعلوم، ثم تتحول إلى هواية تذوّق قرائي، ثم تتطور إلى قراءة تحليلية، فقراءة ناقدة، ومن ثم إلى قراءة إبداعية، تكون معها للقارئ بصمته الخاصة في ما يقرأه.
وفي القراءة تهذيب للنفس، وهي تمنحنا الثقة والقدرة على التحاور والنقاش، وتجعل صاحبها يترفع عن سفاسف الأمور وتوافهها، ويبحث في بواطن الأمور وروائعها، وتزود صاحبها بقوة الصبر، فمع تسارع التطور الحضاري، والاضطرار للتعامل مع الأجهزة والبرامج المحوسبة والمصورة، قد يفقد الطفل والإنسان بشكل عام خاصية الصبر على القراءة.
وكما أننا نستشرف بالقراءة المستقبل، ونُغذي بها الخيال العلمي وبذور الابتكار، فإنها أيضاً تُضيف أعماراً إلى عُمرنا، فبها نسافر إلى أمكنة لم نزرها، ونعيش تفاصيل أزمنة لم نعشها، ونربط الماضي بالحاضر، ونستفيد من السِّيَر وعِبر الزمان بتلافي سلبيات من قد مضى، وتبنّي إيجابياتهم وإبداعاتهم لتحسين الواقع وتطويره، ان اهمية القراءة كبيرة وعظيمة في حياة الفرد والمجتمع ككل، فهي الرافد الحقيقي لثقافة الإنسان ؛وقدرته على تلقي العلوم والمعارف المختلفة،وأي شخص لا يقرأ فهو في الحقيقة شخصٌ غير مثقف،
فاته الكثير من الحكايات والقصص والمعارف والأخبار،فمهما حاول الشخص أن يصقل شخصيته وأن يقويها ويسلحها بالعلم والمعرفة،فلن يستطيع أن يبلغ سلم المجد إلا إذا كان إنساناً قارئاً، وسيظلّ جزءًا كبيراً ناقصاً في شخصيته؛ان لم يهتم بقراءة الكتب بمختلف عناوينها،لذلك تعتبر القراءة بمثابة حياة أخرى ؛وإضافية تُضاف إلى حياة الشخص،وبهذا تتجلى أهمية القراءة.
أول كلمة نزلت من القرآن الكريم كانت “إقرأ”،
وهي كلمة صريحة تعني أن بداية المعرفة تكون بالقراءة، فالإنسان القارئ يستطيع أن يحاور جميع العقول؛وأن يقول الحجج والبراهين المنطقية،لأنه يثق في معرفته وقدراته،فمن يقرأ يستقي أخباره ومعلوماته من الكتب،ويأخذ خبراته من مصادر موثوقة،
لذلك يجب أن تكون القراءة نوعية
، ترتكز على اختيار العناوين المفيدة التي تغذي فكر الإنسان وثقافته،لأنها الغذاء الروحي له.
فعندما تقرأ كتابا للمرة الأولى ستشعر أنك قد كسبت صديقا جديدا، و عندما تقرأه للمرة الثانية ستشعر أنك تلتقي صديقا قديما.
ولأن للقراءة فوائد كثيرة وفقا للدراسات فهي لا تعد غذاءً للعقل فحسب بل وسيلة لتطوير الذات والتواصل مع الثقافات والحضارات الماضية والحاضرة، وهي تحسّن من مدارك العقل والذاكرة وتساعد على التركيز، وتنمي الخيال، القراءة، والثقافة عموماً، هي الملاذ الأخير لإنسانية متعبة بالجري وراء المال، متخمة بالاستهلاك، عليلة بالعداء، مشلولة بالجهل، كما ان القراءة شيء تراكمي قد نقرأ ونظن اننا لم نستفيد او نفهم شيءلكن بطريقةٍ ما كل ما قرأنا يتخزن في اللاوعي و يخرج في تصرفاتنا و أحاديثنا مع الناس ولهذا
لا تقرأ كما يقرأ الاطفال لأجل المتعة ..أو كما يقرأ المتفائلون لأجل التعلم ..اقرأ لانقاذ حياتك، إقرا ..فلن تكفيك حياة واحدة لترى العالم اجمع.
وهذه بعض النقاط التي قد تفيد من اتخذ قرار القراءة لكل يعاني منها:
يجب أن تكون حذرًا في اختيار الكتاب المناسب بحيث يكون موضوعه جذابًا جدًا بالنسبة إليك، مع صغر حجم الكتاب وعدد صفحاته وسهولة أسلوبه.
لا تتمسك كثيرًا بنصائح الآخرين حول ما تقرأه، فإذا لم يعجبك كتاب تحول منه إلى آخر، وحتى لو كان موضوع الكتاب بديهيًا لك فلا ضير في ذلك طالما أنك مستمر في القراءة ذلك أنها فعل تراكمي، حيث إن مزيدًا من القراءة يدفع إلى مزيد منها، وكما قال الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون: بعض الكتب للتذوق، وبعضها للبلع، وبعضها للمضغ والهضم.
قم بتنويع الموضوعات قيد القراءة، ولا بأس من أن تقرأ في أكثر من موضوع في آن، كما أنه لا بأس من تخطي بعض صفحات الكتاب عندما لا تعجبك، ولا تشعر أبدًا بتأنيب الضمير إذا ما تركت كتابًا في بدايته وابتدأت في آخر، فقط ضع علامة على آخر صفحة وصلت إليها، أو حتى اقلب الكتاب على وجهه فما دام الكتاب كتابك فهو صديقك وحبيبك «بين الأحباب تسقط الآداب».
كذلك ينبغي أن تختار المكان المناسب لك للقراءة، ولا تأنف من أي مكان تحبه، فهناك من المشهورين من كان يقرأ في الحمام وفي غرف النوم، ومنهم من كان لا يقرأ إلا واقفًا، وآخر كان يقرأ أثناء المشي، وغيره لا يقرأ إلا على صوت الحركة الرتيبة والمملة للقطار.
فالقراءة تجربة فردية تختلف من شخص لآخر، فما يصلح لغيرك قد لا يصلح لك، وهكذا فلكلٍ طقوسه، فتصالح مع نفسك واختر ما يناسبك منها، وإن بدا أسلوبك غريبًا فلا تحدث به أحدًا.
حاول كذلك -خاصة في البدايات- أن تقرأ الكتاب الذي يعجبك مرة ثانية وحتى ثالثة ورابعة، ولا تعتبر ذلك مضيعة للوقت، فحتى كبار القراء والمشاهير منهم كانوا يعيدون قراءة بعض الكتب حتى يتلذذوا بها وربما قرأوا ما بين سطورها، ولا تستمع إلى من يتحدث عن القراءة السريعة، خذ وقتك وتمتع بكل جملة وكل كلمة تمر بها وأعد قراءتها حتى تستقر في لاوعيك، فأي قراءة بسرعة تفوق قدرتك العادية ستكون في الغالب على حساب فهمك للنص.
وإذا شعرت في أي وقت بالملل فحاول المقاومة قليلًا، وإن لم تنجح فتوقف وعاود المحاولة ثانية في اليوم التالي أو في الفرصة التالية التي تسنح لك، فالقراءة قد تشبه في البدايات أحيانًا مقاومة الجاذبية الأرضية، لذا فقد تحتاج إلى مزيد من الصبر حتى تحصل على ما تبتغيه وهو لياقة القراءة، والتي يموت ببطء من يتركها كما قال الشاعر التشيلي الحائز على جائزة نوبل بابلو نيرودا.،
تعامل مع القراءة باعتبارها رحلة، وليست سباقًا سريعًا. اعتنق ممارسة التوقف مؤقتًا لتدوين الملاحظات والتأمل في المفاهيم المثيرة للاهتمام والتفكير في الآثار المترتبة على ما قرأته. تتيح هذه الوتيرة المتعمدة فهمًا أكثر ثراءً واتصالًا أكثر وضوحًا بالمادة. تذكر أن قيمة القراءة لا تقاس بمدى سرعة تقليب الصفحات، بل بالأفكار والمعرفة التي تكتسبها.
حدد أهداف القراءة: حدد أهدافًا واقعية وذات مغزى لقراءتك. يمكن أن يشمل ذلك مزيجًا من الأنواع والمؤلفين والموضوعات لتوسيع منظورك.
الانخراط في القراءة النشطة: استخدم تقنيات مثل تسليط الضوء على النص والتعليق عليه واستجوابه. تساعد هذه المشاركة النشطة في تحسين الاحتفاظ والفهم.
تحقيق التوازن بين القراءة والتأمل: خصص وقتًا ليس فقط للقراءة ولكن أيضًا للتأمل فيما قرأته. يمكن أن يكون ذلك من خلال كتابة الملخصات، أو المناقشة مع الآخرين، أو ببساطة التأمل في الأفكار الرئيسية.
اختر الجودة بدلاً من الكمية: ركز على الكتب التي تتحدى تفكيرك أو تلهمه أو تحوله، بدلاً من استهداف عدد كبير من الكتب.
من خلال دمج هذه الاستراتيجيات، يمكن أن تصبح تجربة القراءة الخاصة بك أكثر إشباعًا، مما يؤدي إلى فهم أعمق وتقدير أكبر للأدب الذي تتعامل معه.
Discussion about this post