كموجِ النيلِ
قلبي ظلّ يحكِي
إلى شَطّيَّ عنْ ما قال حُزنِي
عنِ الأمِّ التِي قتلتْ بنيها
ومقبرةٌ على السكّينِ تُثنِي
عنِ الأوتارِ مُذْ شَفّتْ نحيبًا
وعن لحنٍ يُثقِّبهُ المُغنِّي
وعن حقلٍ هُنا مُذْ شاخ طفلًا
يشيخُ بأفقهِ غيمُ التمنِّي
عنِ الوردِ الذي آخى ذُبولًا
عنِ الأشواكِ تعمُرُ كلّ غُصنُ
عنِ الأوجاعِ إذ حملتْ سِلالًا
ومن أيامِنا الخضراء تجني
وعن من مرَّ تحملهُ المرَاثِي
وعن من غابَ،
عن خِلّي، وعنِّي
عن الرُّوحِ التِي اجتُثّتْ بليلٍ
وعن جَسدٍ
يصيحُ الآن: بِعني
عنِ الموتِ المسافرِ فِيَّ دهرًا
وعن لحدٍ هُنا يشتاقُ دفْني
شُحوبُ الريحِ يفضحُ بي سماءًا
كما رؤيايَ لم تحفَلْ بمُزْنِ
يقول لي النعيق رأيتُ رؤيا
تفوقُ من التوقّعِ سوءَ ظنّي
بها أطفالُك الجوعى سبايا
لدى أفعى على عُشٍّ لجنِّ
رأيتُ يدًا من النيرانِ مُدّت
تُهدِّمُ رُغم حِرصك ما ستبني
ستُصلَبُ هاهُنا والطيرُ تعوي
ويُبتَرُ كلُّ غُصْنٍ منك لدْنِ
رأيتُ دماءك الغبراء تغلي
بفُوّهةٍ لبُركانٍ مُسِنِّ
رأيتُ كرأسِ “ميدوسا” جبالًا
تَفرّسُ في حقولك دون إذْنِ
رأيْتُ الغولَ إذْ…
ورأيتُ سُمًّا..
رأيْتُ..، رأيْتُ..
كَمْ آذيْتُ عيْنِي
يحدّثُني النعيقُ عنِ اغْتيالي
يحدّثُني، يُحدِّ…
أصيحُ: دَعنِي
يمرّ العمرُ بي موتًا بطيئًا
ويفتحُ بي مدارسَ للتّأنّي
يشيّدُ كربلاءًا تحت ضِلعي
وينصُبُ في مهبّ النزفِ سجني
تحدّثُني دماءُ بنيَّ أنِّي
سأبلى الآنَ من كمَدي وأنّي…
كأنّي في صدى الأكوانِ ليلٌ
كأنِّي وحشةٌ زلّتْ بكوْنِ
كأنِّي كُنتُ قبل اليومِ نسيًا
وأدعو اليوم: يا نِسيانُ كُنِّي
فما كنّيتُ هذا الحزنَ بابنِي
ولكنّ المرايا السّود تُكني
سأخلعُ جِلدتي السّمرا لأنِّي
سئمتُ وربِّ هذا النيلِ مِنّي
سئمتُ بنيَّ يقتسمون جِسمي
سئمتُ سيوفَهم أدمنَّ طَعْني
سئمتُ مكوثَهم عندي ذئابًا
وينهشُ بعضُهم بعضًا بحِضنِي
فيا ريحَ القميصِ كفاكِ نأيًا
إليَّ بخنجرٍ لأقُدّ عيْني
.بقلم الشاعر ياسر عبد القادر
Discussion about this post