#على_طاولة_الحوار،،
بقلـــم
الشــاعرة والاديبة
لميــــاء بودوخـــة
مقاربات فكرية في علم الاجتماع
الطــلاق .. اسبابه ونتائجه وآثاره
على المرأة والابناء والمجتمع
تركزت الدراسات والابحاث المتخصصة في علم الاجتماع والعلاقات الاسرية في العقود المنصرمة الاخيرة وذلك لتزايد حالات الطلاق والعنف الاسري والخلع والتي باتت تهدد كيان المجتمعات العربية وتعمل على زيادة التفكك الاسري بين مكونات المجتمع الواحد .
وما لهذه الظاهرة من نتائج وخيمة على البناء الاسري والمجتمعي وتزايد حالات الجريمة والانحراف والتشرد والامراض النفسية التي بدأت تتفشى وخاصة بين فئة الاطفال والمراهقين بل والبالغين ايضا .
وفي احصائيات دراسية متخصصة نجد ازدياد حالات الطلاق بنسبة 8% سنويا وفي احصائيات دقيقة لدى محاكم الاحوال الشخصية تبين انّ في كل دقيقتين تحدث حالة طلاق بالمقابل تحدث حالتي زواج كل دقيقة ومن حيث لغة الارقام دلت الاحصائيات ان الطلاق يحتل نسبة الثلث او اكثر مقارنة بعدد حالات الزواج .
وقد اشارت الدراسات البحثية الى انتشار حالات الطلاق في 22 دولة عربية كظاهرة شغلت حيّزا واسعا ضمن اهتمامات جهات حكومية متخصصة . ففي مصر مثلا وحسب تصريح رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ان عام 2014 شهد 950 الف حالة زواج بينما وصل عدد حالات الطلاق الى 160 الف حالة مضيفا ان 35% منها تكون في اول خمس سنوات من الزواج .. بينما بلغت حالات الطلاق في العام 2020 الى مستويات اعلى وبصورة تثير القلق .
وقد اشارت العديد من الدراسات والابحاث الاجتماعية المتخصصة الى العديد من الاسباب التي رصدتها محاكم الاسرة وحسب اقوال الزوجين والتي ادت الى انتشار وتزايد هذه الظاهرة منها الاختلافات الدينية والسياسية بين الازواج وعدم الانجاب والتقتير في الانفاق على الاسرة وعدم التوافق النفسي في العلاقة الحميمية والعنف الجسدي وتدخل الحموات من الطرفين اضافة لقلة الوعي وانتشار المخدرات وغيرها .
كما تلعب الظروف المادية الدور الاكبر في توسع حدة الخلافات الاسرية اضافة لانعدام لغة الحوار والتفاهم وتفهّم الواحد للآخر كما ان اختلاف الثقافات والميول والطبائع وعدم الاحترام واللامبالاة وغياب الثقة كلها تلعب دورا اساسا في تصدع الحياة الاسرية ايضا .
هذا الظاهرة هي الاخطر على تماسك الاسرة والمجتمع ككل ، ولها اثارها السلبية في تكوين نمط الحياة في المجتمعات اضافة لتسببها في تزايد حالات الانحراف والجريمة التي تخضع لعوامل نفسية وردود افعال تتسم بالعنف بكل اشكاله وانتشار حالات الادمان على المخدرات والتشرد .. كما ان لها اثارا سلبية على المرأة منها النفسية والاقتصادية والنظرة المجتمعية لها كما اثارها السلبية على الابناء .
ومن الآثار السلبية الابرز هي النظرة المجتمعية الاكثر قسوة على المرأة كونها امرأة مطلقة بل قد تجد ان المجتمع والاقرب فيه اليها من يعاملها معاملة الوباء والنظرة الدونية قد تصل الى تحاشيها وما تلقاه من عائلتها واسرتها من فرض قيود صارمة خوفا من نظرة المجتمع وألسنة الناس مما يترك اثارا نفسية عميقة قد تصل الى نتائج كارثية غاية في التعقيد والتي سنأتي اليها لاحقا .
وللحد من انتشار وازدياد هذه الظاهرة وبعد دراسات وابحاث لابد من تكثيف حملات التوعية عبر ادخال مناهج دراسية تبدا في المراحل الثانوية تحث على فهم العلاقة الزوجية والحث على تقديس الحياة الاسرية وفق منظور ديني وعلمي وثقافي واجتماعي بحت كما يجب على وسائل الاعلام ومن خلال البرامج الدينية والتوعوية والاجتماعية على تكثيف حملاتها لهذه الغاية واقامة دورات وبرامج تثقيفية للمقبلين على الزواج لفهم ابعاد هذه العلاقة وكيفية انتهاج اسلوب الحوار والتفاهم وخلق لغة مشتركة على اساس الفهم الكامل للآخر في حل الخلافات وتباين وجهات النظر وتذليل كل الصعاب التي تكون عبئا على الاسرة مستقبلا واعتماد مبدأ الصراحة ورص اسس الثقة كلّا بالآخر وخاصة في فترة الخطوبة لبناء اساس متين من التفاهم وادراك الغاية لتكوين اسرة وفق الطرق السليمة .
Discussion about this post