بقلـــــــم :
لميــــاء العامريــــة
( انّ الألـــم بســبب جــرح المشــاعر والاحاســيس هو ” ألــمٌ حــقيقي ” كــ الألــم الجســدي تماما .. فمناطق الدماغ التي تعمل عندما يشعر الشخص بألــمٍ جســدي ، تعمل ايضا عندما تُــجرح مشــاعر ذلك الشــــخص )
هذا ما اكدته العديد من الدراسات والبحوث في علم النفس والاجتماع ..
ومن الطبيعي ان الالم الجسدي قد يشفي بعد وقتٍ قصير ، وقد تندمل الجراح في انحاء الجسد بعد فترة من الزمن ، وتجبر الكسور التي تصاب بها عظام الانسان
غير ان ألم الارواح وجراحها وكسرها قد تأخذ وقتا طويلا ، وقد لا تعود كما كانت ، فلا جبر لها ولا ضماد ولا اكسير يعيد اليها ما جُبِلت عليه ..
والقلوب مقترنة بالارواح ، فمن رقّت ولانت روحه ، كان رقيق القلب رهيفا حنونا طيبا .. قلب مفعم بالاحساس والمشاعر النبيلة والصدق والمحبة .. وكم من سقيم الروح يعي الطبيب علاجه ..
كلمة ، او موقف طعن وكسر ، قد تجرح المشاعر .. هي الروح في حقيقتها .. وغالبا الخذلان يفعل فعل السيف في القلب .. فلا الاعتذار ينفع ولا التبرير يصدع .. لكنها بين حالين ان تتجرع الصبر بمرارته كسيرة او تموت موتا بطيئا كما تموت خلاياها ..
وقد يرى البعض ان من الافضل ان يعيش المرء بقوة عقله متفوقا على قوة عاطفته ، وقد يتجاهل تماما ان العقل والعاطفة هما من غرائز الانسان الحيّة التي فطره الله سبحانه وتعالى عليهما وهما من سنن الحياة وديمومتها وقد يتباينان في القوة بين المرأة والرجل لحكمة اقتضاها الخالق عزوجل في خلقه ..
يقول عزّ من قائل في محكم التنزيل (( فبما رحمةٍ من ربك لِنتَ لهم ، ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك ))
يقول محمد جواد مغنية في كتابه ( في ظلال نهج البلاغة )
(( في داخل الانسان العديد من العناصر والغرائز وهي بمجموعها على قسمين : عقلية فكرية وتسمى بالمنطق العقلي وعن هذا المنطق يصدر العلم والمعرفة ، والقسم الثاني عناصر قلبية عاطفية ، وتسمى بالمنطق العاطفي وعنه تصدر الشهوة والميول ))
قد تجد الام اقوى عاطفة من الاب على اطفالها ، بينما الرجل اقوى عقلا لتدبير مصالحهم ..
هنا حكمة بالغة اودعها الله سبحانه وتعالى في الزوجين لنشوء الاكتما بين قوة العاطفة وقوة العقل
فالعاطفة والعقل يشكلان ركيزتين اساسيتين في بناء الانسان وتكامله ..
زلا شك ان الصراع قائم من الازل داخل هذه المنظومة التي تحوي العقل ومنطقه ، والقلب ومنطقه وكثيرا من نجد الانسان يقع فريسة الصراع والحيرة بين عقله وقلبه والتي غالبا ما تكون في موقف اتخاذ القرارات المصيرية والتي قد تنتهي بالفشل والخسران احيانا وبين الانتصار والنجاح احيانا اخرى .
يقول الكاتب هاري ميلز مؤلف كتاب ( فن الاقناع ) :
( ان العاطفة ( القلب ) تتفوق على المنطق ( العقل ) بعدة مزايا ابرزها ، ان العاطفة تؤدي الى تغيير السلوك بشكل اسرع مما يفعل المنطق ، كما ان العاطفة تتطلب مجهودا اقل مما يتطلبه المنطق ، لذلك فانها في هذا الموضع ستكون اكثر تأثيرا )
يتجلى قول الله سبحانه وتعالى (( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ، ادفع بالتي هي احسن ، فاذا بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم ))
وقول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه : ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلقٍ حسن )
ما يؤكد قوة العاطفة ولين القلب التي تتفوق على العقل في تغيير السلوك الايجابي تجاه السلوك السلبي الصادر من الآخر ،
وتحقيق التوازن بين قوة العقل وقوة القلب في ميزان التكافؤ كضدّين متكاملين يكمل احدهما الاخر هو الافضل في انهاء حالة الفهم المغلوط في ترجيح كفة هذا او ذاك ليكون الانسان قادرا على اتخاذ قراراته الصائبة وفق ما تتطلبه الامور والاحداث
وقد قيل العقل للسياسة ، والقلب للحرب والحب معا …
Discussion about this post