كتب …. أسامة خليل
عقب تدخلها بالأراضي السوفيتية ضمن عملية بربروسا (Barbarossa) يوم 22 حزيران/يونيو 1941 ونجاحها في إخضاع مناطق واسعة من أوروبا الشرقية، اتجهت ألمانيا للاعتماد على عدد من الحكام العسكريين لإدارة شؤون هذه المناطق بالشرق وضمان سيطرتها عليها.
رجل مهم
ومن ضمن هؤلاء الأشخاص الذين اعتمد عليهم أدولف هتلر، يذكر التاريخ المسؤول البارز بفرق الأس أس (SS) رينهارد هايدريش (Reinhard Heydrich) الذي حصل على منصب حاكم محمية بوهيميا ومورافيا، ذات الأغلبية السكانية التشيكية، التي اتخذت حينها براغ عاصمة لها.
فأثناء مسيرته المهنية في صلب النظام النازي، تقلد رينهارد هايدريش العديد من المناصب البارزة، حيث شغل الأخير رتبة رئيس مكتب الأمن بألمانيا وأشرف على فرق الغيستابو (Gestapo) وإدارة التحقيقات الجنائية والشرطة الأمنية الألمانية.
فضلا عن ذلك، تزعم هايدريش الهيئة العالمية للشرطة الجنائية التي سبقت ظهور الإنتربول المعاصر.
وقد أشرف هذا المسؤول النازي أيضا على إعداد خطة ليلة البلور بألمانيا عام 1938 والتي تعرض أثناءها اليهود المقيمون على الأراضي الألمانية لملاحقات أمنية أدت لاعتقال عدد كبير منهم وتخريب قسم هام من ممتلكاتهم.
أيضا، أسس هايدريش صلب القوات الأمنية الألمانية فرقة اختصت في البحث عن المعارضين السياسيين واعتقالهم. وبفضل كل ذلك، لقّب أدولف هتلر رينهارد هايدريش بالرجل ذو القلب الحديدي.
وخلال الحرب العالمية الثانية، حصل هايدريش على منصب حاكم محمية بوهيميا ومورافيا.
بالتزامن مع ذلك، كان الأخير حاضرا بمؤتمر وانسي (Wannsee) مطلع العام 1942 وشارك في إعداد ملف الحل النهائي للمسألة اليهودية بأوروبا ليكون بذلك واحدا من أبرز الشخصيات الفاعلة أثناء المحرقة. وخلال إشرافه على بوهيميا ومورافيا، لم يتردد هايدريش في إرسال عدد كبير من المعارضين السياسيين واليهود نحو مراكز الإبادة الجماعية.
اغتيال هايدريش
وبسبب أنشطته البارزة صلب قوات الأس أس ودوره الفاعل بأوروبا الشرقية، اتجهت فرق المقاومة التشيكوسلوفاكية، بمساعدة المخابرات البريطانية، لإعداد خطة، عرفت بخطة أنثروبويد (Anthropoid)، للقضاء على هايدريش.
وأواخر العام 1941، تكفلت طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني بنقل المقاومين التشيكوسلوفاكيين جوزيف جابسيك (Jozef Gabčík) وجان كوبيس (Jan Kubiš)، الذين تلقيا تدريبا صارما ببريطانيا على إنجاز المهام الخاصة، بشكل سري نحو منطقة قريبة من براغ. وهنالك، التقى هذان الرجلان بعدد من رفاقهم بالمقاومة واتجهوا للاستعداد لتنفيذ الخطة.
في حدود الساعة العاشرة والنصف صباحا يوم 27 أيار/مايو 1942، كان هايدريش في طريقه نحو قصر براغ. ومع بلوغ سيارته منعطفا، اضطر السائق لتخفيف سرعته.
فاستغل جابسيك وكوبيس الأمر لمهاجمة سيارة هايدريش بقنبلة مضادة للدروع. ومع انفجارها، ألحقت القنبلة أضرارا جسيمة بالسيارة وأصابت هايدريش إصابات بليغة. وفي الأثناء، نزل الأخير من سيارته وحاول اللحاق بشكل يائس بالمهاجمين إلا أنه سرعان ما انهار أرضا بسبب الإصابات التي تعرض لها.
وعقب نقله للمستشفى، كشف التقرير الطبي عن تعرض هايدريش لإصابات حادة على مستوى الرئة اليسرى والحجاب الحاجز والطحال كما عانى أيضا من أضرار جسيمة بعدد من الأضلع. وعقب خضوعه لتدخل جراحي عاجل، استعاد هايدريش عافيته قبل أن ينهار مجددا ويدخل في غيبوبة يوم 3 حزيران/يونيو 1942. وباليوم التالي، أعلن رسميا عن وفاة رينهارد هايدريش بسبب تبعات الإصابة التي تعرض إليها.
قتلت المنفذين
يذكر أنه وبعد وفاة هايدريش، لم تتردد ألمانيا في مطاردة منفذي العملية، حيث تمكنت من قتلهم عقب معركة طاحنة بإحدى الكنائس ببراغ.
وبحسب تقارير تلك الفترة، عمد أفراد الفرقة التي اشتبكت مع الألمان حينها للانتحار تزامنا مع محاصرتهم وقرب نفاذ الذخيرة لديهم.
وبالفترة التالية، قادت ألمانيا حملة انتقامية بتشيكوسلوفاكيا أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا.
Discussion about this post