لحظة ادراك
بقلم د.بوخالفة كريم- الجزائر🇩🇿
يقال إذا اجتمع خمس صينيين ،كتبو حكمة
وإذا اجتمع خمس يابانيين، اخترعوا آلة، وإذا اجتمع خمس أمريكيين ،أخرجوا فيلما
وإذا اجتمع خمس بريطانيين ،كتبوا كتابا
وإذا اجتمع خمسة من العرب، شكلو خمس طوائف ،وخمس أحزاب ،وخمس قوانين ،يعلن كل واحد منهم أنه الرئيس ودون جلسة نقاش واحدة تبدأ التحالفات، ثم الخصومات ،ثم الكره، ثم الفتنة ثم التكفير، ثم استيراد الأسلحة ،وتبدأ المعركة والكل خاسرون!! ويقولون أنها مؤامرة من الغرب الصليبي الكافر ضد الإسلام والمسلمين.
هذا الفرق بيننا وبينهم !
فالغرب العقلاني بصفة عامة في لحظاتهم المصيرية ، يعلو بينهم صوت العقل ، ينتقدون حالهم ، وتزداد حرياتهم ، ويتسيّد فيهم سؤدد المنطق . و يصبحون كالبنيان المرصوص.
و عند اي منعطف تاريخي حاسم و هام ،
تجدهم يتآلفون بسرعة على رأي نافع ، ويتوحّدون على فهم الوجود ، رغم كل الاختلافات الهائلة فيما بينهم ..
بينما في عالمنا العربي العجائبي نحن ، يحدث العكس تماماً ..
فعند ذات الظروف المصيرية ، بل ربما هي الأخطر ، و الأسوأ بكل المقاييس . تضيق حرياتنا ، ويموت الحس النقدي فينا .
ينفلت عقال جهلائنا ، و تنبح عواطف بلهائنا على مقامات عقلائنا ، وتستذئب أنفعالاتنا الرعناء على حكمائنا ،
فنتقاتل ، ونتسابب ونتشاتم ، و نتفرّق أكثر فأكثر ،
لنخوّن أجلاءنا ومفكرينا ، أو يُكفّر بعضنا بعضاً ..
ثم تسأل البقية الباقية منا : لماذا نحن مهزومون .
حتى في اسلوب الحوار بين السلطة والشعب هم يبعدون عنا باميال!
فأي مسؤول إنجليزي، مثلا عندما يختلف في الرأي مع أي كان، يأتي بحجة من شكسبير لإقناع مستمعيه
والإيطالي يأتي بحجة من دانتي
والفرنسي ياتي بحجة من فولتير
والألماني يأتي بحجة من نيتشه
أما أي مسؤول عربي فلو اختلفت معه حول عنوان قصيدة لأتاك بدبابة، فتفضل و ناقشها!
نحن مهزومون في كل شيء. مهزومون في دواخلنا. مهزومون في بيوتنا. مهزومون في شوارعنا. مهزومون في أوطاننا. مهزومون حتى في أحلامنا. ولن تقرأنا الأمم اللاحقة إلا في أرشيف بؤساء الشعوب.
ان فقدان البعد الاجتماعي في أفكارنا وسلوكنا يجعلنا نطوف حول ذواتنا كما يطوف عبدة الاوثان بالهتهم؛ ان الانانية تورث عمى البصيرة حتى اصبح المسلم يرفع الاسلام شعارا ويتبنى الراسمالية الجشعة المتوحشة في فكره وسلوكه؛ انه يحمل تناقضات رهيبة في الفكر والسلوك نتيجة الفهم الخاطئ للدين! لقد اصبحنا كالامعة نتبع كل من يجري ولا نفكر في ذلك!
لهذا “لا ينظر لنا الغرب باعتبارنا كياناً مستقلاً لنا طموحاتنا المشروعة وأهدافنا المختلفة، وإنما على أننا مادة استعمالية لابد من تنميطها حتى ندخل القفص الحديدي، قفص الإنتاج والاستهلاك، دون هدف أو غاية سوى المنفعة واللذة. فإن طرحنا أهدافاً أخرى مثل التمسك بالأرض والدفاع عن العزة والكرامة ورفض التنافس بوصفها نقطة مرجعية، فإنه يخفق في تصنيفنا وينظر لنا باعتبارنا مخلوقات متعصبة لا عقلانية.
في رأيي
ليس هناك اي مشروع جاد لجعل هذه المجتمعات مجتمعات محترمة؛ لا ارى سوى اطماع فردية مختلفة مغلفة بشعارات جوفاء حتى الاشارات الايجابية التي تظهر من حين لاخر ليست سوى ابداعات فردية نشاز
نحن في تلك الحاجة للروح الجماعية التي حركت شعوبا قبلنا نحو المجد
اي نشذ عن تاريخنا الذي ملآناه بقصص الاستعصاء على الوحدة والاستسلام للاجنبي بعد نفرات سريعة تشبه تخبط المذبوح.
Discussion about this post