( هـــــوان العِشـــــــرة ) من الدارج على ألسِنة الكثير من المتزوجين في المجتمعات العربية والاسلامية بعد انقضاء بضعة سنوات على الزواج ،
وقد تمتد الى ابعد من هذا فتشمل الحبيبين قبل الزواج رغم صدق المشاعر والوعود الوردية والاحلام السعيدة بتأسيس بيت واسرة …
ومما لا شك فيه ان انعدام الاسس القوية والمتينة وادراك المفاهيم الصحيحة وفق التوافق على النقاط الاساسية لنجاح العلاقات العاطفية واستمراريتها واعتماد مبدأ الصراحة والوضوح بين الطرفين يترك اثارا سلبية قد لا تبدو ظاهرة في بادئ الامر لكنها تبدأ بالطفو على السطح شيئا فشيئا وتبدا القطيعة والتباعد ، ذلك ما يمكن تسميته بالتصحر العاطفي والانفصال السلبي وان كانوا تحت سقف واحد ..
هو نوع لا يقل خطرا وتأثيرا عن الطلاق او الانفصال الرسمي والشرعي وما ينجم عنه من آثار اجتماعية ونفسية وصحية وخيمة على الزوجين والاسرة ككل ..
فانعدام مفهوم الزواج على انه تأسيس مؤسسة اجتماعية مصغرة ( الاسرة ) قائمة على الحب والود ولغة الحوار العقلاني والمنطقي والقيام على اكمل وجه بالمسؤوليات والوعي السليم للحقوق ، وجذور التنشئة الاجتماعية ، وتباين العوامل الثقافية ، وسيادة النزعة الفردية لدى احد الطرفين هي من جملة الاسباب التي تؤدي لخلق هذه الظاهرة والآفة المجتمعية التي تعانيها مجتمعاتنا العربية ،
وظاهرة الانفصال العاطفي مع غياب الانسجام التام بين الطرفين قد تخضع له المرأة مستسلمة للامر الواقع والقبول به وعدم طلب الطلاق الشرعي او الرسمي يعود لاسباب عدة منها الخوف من الاهل ومن نظرة المجتمع ، ومحاولة الحفاظ على مستقبل الاولاد كما الحفاظ على الصورة الاجتماعية ..
كما انه يترك اثارا نفسية على الرجل ، اذ يعيش متذبذبا قلقا ، غير متوازن قد يدفعه الامر للزواج سرا ، او الغياب الطويل او الهجر او الرضوخ كما المرأة لواقع الحال في ظل حياة اشبه بقطعة الجليد او الموت العاطفي التدريجي ..
ومن اهم الاسباب التي تؤدي لخلق هذه الظاهرة ، هي عدم مصداقية الحب ما قبل الزواج تتضح معالمه شيئا فشيئا ، وطبيعة الزواج بالاكراه او الاقناع المؤقت ، او الزواج القسري ، وانعدام الفهم القويم للزواج ، والخيانة ، وسوء المعاملة والعشرة ، والتقصير المتعمد في اداء الواجبات والمسؤوليات كلٌّ تجاه الاخر او احدهما تجاه الآخر
فحسن العشرة لابد ان ترتكز على اسس متينة تبذل معها الجهود وتحمّل الآخر واحتوائه والصبر واللين ، فالمرأة يغلب عليها الجانب العاطفي اكثر من العقلي المجرد ، والاحتواء هنا يكون باللين والحب والتفاهم والتحمل والفهم العميق لعقلية وطبيعة تكوينها البيولوجي وآثاره التي تخضع في بعض الاحيان لمؤثراته ..
ولا يجب ان نغفل ان المؤثرات الخارجية والدخيلة في ظل العولمة والثورة التكنولوجية الهائلة كعالم الانترنت تركت اثارا بانت متغيراتها في الفكر والمفاهيم الاجتماعية والنفسية وحتى الاخلاقية تلك الاثار السلبية التي جعلت طبيعة العلاقات تتجه نحو الندّيّة والتنافس والتفاضل مما زاد من حدة الشعور بالتوجه لاخضاع كل طرف لميوله وافكاره ونزعاته ..
وبغية تسليط الضوء على هذه الظاهرة بشكل واسع لابد ايضا من تسليط الضوء على كيفية الحد والقضاء على هذه الظاهرة وسبل علاجها ..
من جملة ما يمكن طرحه في هذا المحور لابد اولا من نشر الوعي الثقافي والاجتماعي وماهية تكوين الاسرة وتهيئة مؤسسات الخدمة الاجتماعية والباحثين الاجتماعيين لتطوير الاساليب المهنية والنفسية بما يقدم افضل الطرق لاقامة وانشاء علاقات اسرية قائمة على المبادئ والاسس المتينة بغية ديمومة ونجاح الحياة الزوجية ودوام العشرة الحسنة على وجهها الاكمل والقائمة على الودّ واداء الحقوق وصون العهود التي تجب على كلا الطرفين تجاه الاخر ..
Discussion about this post