الكلاب تنبح على ما تجهله
بقلم د.بوخالفة كريم _ الجزائر
يقول الفيلسوف اليوناني هيرقلطيس” الكلب ينبح على أي شيء يجهله ويخاف منه” وهذا القول حسب اعتقادي ينطبق ايضا على الكثير من البشر!
ان كل واحدٍ منّا إنسان. ولا أحد منّا يعرف كل شيء هذه حقيقة منطقية ناتجة اولا عن نسبية العلم وثانيا عن قصور العقل البشري ومحدودية قدراته في فهم كل شيئ.
وبغضّ النظر عن مدى ذكائنا أو خبرتنا، ستكون هناك دائماً أشياء لا نعرفها أو لايمكننا فهمها.
يصبح بعض الناس عدائيين عندما تكشف لهم عن أمور لايفهمونها أو تبين لهم تهافت خرافات يقدسونها او لامنطقية افكار يتبنونها او تبين لهم مدى زيف مايعتبرونه شيئ حقيقي مطلق.
فهُم مثل الكلاب ايضا ينبحون ويرغون ويزبدون ويقذفون بالانتقادات والكراهية،
ربما بدافع الغيرة أو الخوف على معتقداتهم العزيزة لأنّهم لايستطيعون الاستمرار من دونها، او ربما لا يمكنهم استيعاب ما تقوله بسبب جهلهم وضعف بصيرتهم وقلة حيلتهم، كما لايمكنهم السكوت والرضا ايضا فلا احد منا يقبل ان تكشف له انه كرس حياته للوهم، وان كل ما يعتقده من افكار وايديولوجيات هي في الواقع اوهام.
طبعاً من السهل أن تخاف من هؤلاء الناس ومن السهل الوقوع في فخ عدم إجراء مناقشات صريحة ومفتوحة لأفكارك ووجهة نظرك الفريدة معهم وكل ذلك لتجنّب نقدهم وكراهيتهم و اصواتهم المرتفعة و حركات الايدي الكثيرة!
لكن لا تَخَف يقول هيراقليطس أنّ هذه الانتقادات تشبه نُباح الكلاب في الظلام فقط
فالكلب الذي ينبح مُرتَبِك، إنّه ينبح لسببٍ غير واضح وما يفعله غالباً لا يبدو منطقياً، بالنسبة للإنسان العاقل والذكي.
هؤلاء لايمكنهم إيذائك
وليس من الحكمة أن تتلقّى تعليقات من شخص يصرخ وينتقد كونه مرتبكاً ومشوّشاً لأنه متعجرف، ومتكبّر، وغير قادر على الفهم،
يجب عليك ان لاتنزعج منهم فاحيانا لايكون الرد العنيف منهم لسبب شخصي بل هو في الحقيقة دفاع عن انفسهم وعن مايعتنقوه من افكار، فذلك الصراخ والرفع للايدي ماهو الا تعبير عن دفاعهم عن مايهدم امامهم من اوهامهم المقدسة،
ان هؤلاء “الرعاع اعتنقوا أفكارهم بدون براهين، فكيف يمكنك أن تقنعهم بزيفها من خلال البراهين؟ إن الإقناع في سوق الرعاع لا يقوم إلا على نبرات الصوت وحركات الجسد، أما البراهين فهي تثير نفورهم.”
ولاتنزعج منهم ان كذبوك فأكثر ما يكرهه القطيع هو إنسان يفكر بشكل مختلف، القطيع لا يكره رأيه في الحقيقة، ولكنه يكره جرأة هذا الفرد في امتلاك الشجاعة للتفكير بنفسه كي يكون مختلفاً، وهذا تحديداً ما لا يعرفه القطيع.
كلّ ما عليك فعله هو أن تستمع لنباحهم، ثمّ تثق بحدسك ورأيك وتفكيرك المنطقي وضميرك فهذه الأمور أكثر موثوقية من نُباح كلبٍ مُرتَبِك وخائف، وكذلك لان الإنسان هو كما يقال عدوّ ما يجهل.
في النهاية يقول ابن رُشد:
“الجهل يقود إلى الخوف، والخوف يقود إلى الكراهية، والكراهية تقود إلى العنف…و هذه هي المعادلة.
Discussion about this post