كتب …. عمر بن زيان … الجزائر
بحلول 16 ديسمبر 2023 تكون مرت سبعة وستون سنة على تأسيس الاذاعة السرية التي ولدت من رحم الثورة الجزائرية بأمر من قيادة الثورة، وعلى رأسهم المجاهد الراحل عبد الحفيظ بوصوف ، الذي كان حينها قائدا للولاية الخامسة ، لتكون منبرا يوصل صوت الجزائر المكافحة إلى كل أرجاء أرجاء العالم وإبراز حق الشعب الجزائري في نيل حريته واستقلاله.
يقول المجاهد و الوزير الاسبق ، دحو ولد قابلية، إن ” إنشاء الإذاعة السرية إبان حرب التحرير الوطني فتح أمام جبهة التحرير الوطني مجالا واسعا للتحرك “.
وأوضح ولد قابلية ، خلال لقاء حول “الاشارة إبان حرب التحرير الوطني” انتظم يوم 26 أكتوير 2021 ، بمناسبة الذكرى الـ 59 لاستعادة السيادة الوطنية على مؤسسة الإذاعة و التلفزيون الجزائري، أن “عبد الحفيظ بوصوف كان قد فكر في إنشاء إذاعة سرية لامتلاك مجال أكبر للتحرك إذ كانت هناك خطوط حمراء لا ينبغي تخطيها عبر إذاعات الدول العربية الأمر الذي حد من وقع الإعلام و الدعاية لصالح الكفاح المسلح للشعب الجزائري “.
و اشار إلى أن ” إذاعة جبهة التحرير الوطني سمحت لنا بالكلام بكل حرية إذ كنا نقول ما نريد و ما كان يمكن لأي كان إيقافنا، هذا فضلا عن اهتمام العديد من الصحفيين و المحللين السياسيين الأجانب بالخبر الذي تبثه هذه الإذاعة “.
شاحنة صغيرة .. وإذاعة بمهام أكبر !
وفقا لشهادات الذين عايشوا الحدث ، فإن ظهور الإذاعة السرية كان على متن شاحنة صغيرة متحركة بهدف إبعاد أعين مخابرات الاستعمار والمتعاونين معها وحتى تصعب مهمة رصدها، مع توقيت بثّ لا يتجاوز ساعتين (من الساعة الثامنة مساء إلى العاشرة) ولم يلبث صوت الجزائر المكافحة أن انطلق يدوي من الإذاعات العربية الشقيقة بصوت المرحوم عيسى مسعودي، لتفتح أغلب الإذاعات العربية برنامجا خاصا يدعم الثورة الجزائرية، مثلما فعل صوت العرب من القاهرة، والإذاعة الليبية من طرابلس وبنغازي، والكويت وبغداد وجدة ودمشق وغيرها.
ومنذ انطلاقتها ، دأبت على مخاطبة المستمعين بعبارة “هنا إذاعة الجزائر حرة مكافحة …صوت جيش التحرير و جبهة التحرير الوطني يخاطبكم من قلب الجزائر” لترفع من حماسة المجاهدين والشعب الجزائري ككل.
وبعد حصول قيادة الثورة على أجهزة اتصال أمريكية الصنع ، تم تعديلها لتستعمل في مجال البث الإذاعي كجهاز BC610 ، وتمكنت الإذاعة السرية من البث يوميا من خلال شاحنة متنقلة من نوع GMC و لمدة ساعتين ابتداء من الثامنة مساء ، و كانت تستهل بثها بالنشيد الوطني “قسما”، الذي قام بتلحينه الملحن المصري محمد فوزي في 1957) متبوعا بأخبار عن كل ما يجري في الجزائر مع التركيز على أخبار المعارك و الخسائر التي كان يتكبدها العدو على يد الثوار المجاهدين.
كما استعان طاقمها ببعض الأغاني والأناشيد العربية مثل الأغنية المصرية للفنانة اللبنانية نجاح سلام “يا طير يا طاير خذ البشاير روح للجزائر” لملء ساعتي البث.
و من بين العاملين بالإذاعة السرية، برز الإذاعي المشهور عيسى مسعودي بشكل لافت بفضل فصاحة لسانه وصوته الحماسي الثوري الذي ألهم المجاهدين والشعب الجزائري ككل حتى إن الرئيس الراحل هواري بومدين قال عنه “تحرير الجزائر نصفه لجيش التحرير والنصف الآخر لعيسى مسعودي “.
بقلم عمر بن زيان
Discussion about this post