سنغرق..
وهذا يدل على أننا مازلنا نتنفس
نحن كالقطط التي تتشبث على حافة قرميد
وعلى ارتفاع منخفض
لأمتارٍ ربما
أو لأعماق محيطٍ داكن
سنغرق..
..
سنغرق..
وإن كان لا بد من نجاة
فعلينا أن نغني كقاتل متسلسل انفرد بضحيته
أو نعزف كمحارب يعزف الفلوت
بعد أن غادره الرفاق وتركوه لمصيره
ليغرق..
..
سنغرق..
وإن بدت الأوطان لنا هادئة
وطافية على سطح غضبنا وبؤسنا
صدقني يا عزيزي بشبر حنينٍ وحزن.. سنغرق..
ونغرق ثم نغرق..
******
تعالي نفتح قفص حبنا
ونطلق العصافير السجينة..
أنت ترتبين الصالون
بينما أقرأ “ممو زين” بصوتٍ عال
النهاية حزينة أعلم
وريثما تنتهين،
أكون قد غفوت
على جثث العصافير..
******
أيها السيدات والسادة..
إن هذا الرجل الماثل أمامكم
قد أكله الشعر
ولم يترك لنا منه
سوى قصيدة حزينة
تمشي على قدمين..
******
في قريتنا
أعرفُ طريق المقبرة أكثر من بيتي
كما حال أغلبية أهل القرية أيضاً
كنا نتردد عليها بشكلٍ يومي مرّةً وأكثر
وخاصةً في زمن الحرب
كنا بخشوعٍ تامٍ نمضي خلف التوابيت
نحفظ الطريق إليها بالسنتيمتر الواحد
بتفاصيله حجراً حجرا
وشجرة شجرة
نحفظ الطريق بجدرانه
وبقططه وكلابه السائبة
بقمامته
وأكياس النايلون المتطايرة
بغباره
وبعامود إنارته الوحيد..
..
لكن حينما كنا نعودُ من هناك
لم نكن نحفظ شيئاً
نجد الطريق غريباً عنا
نضحك ونتحدث من خلف ظهر الميت
حتى نجد أنفسنا أمام بيوتنا
دون أن نضع علاماتٍ للعودة
..
الخبرُ السيء هنا
حين حملوني إلى هناك
وتركوني وحيداً
يتكلمون من خلف ظهري ويضحكون
وفي المساء يُضاجعون زوجاتهم
وكأنني لم أكن بينهم ظُهراً
حارس المقبرة ذهب ليأخذ غفوة
ليستقبل في الغد جنائز جديدة..
..
من هذا الذي يهيل التُراب عليّ
آه.. سعيد، كيف حالك؟
أين ذهبوا؟
أين أنت؟
سعيد يا سعيد !
هل من أحدٍ يسمعني؟
كيف سأعود؟
لا أحفظُ أيّة تفاصيل !
ولا أحد أضحك معه من خلف ظهري
..
أرجوكم..
فأنا لا أعرف
إلا الطريق إلى المقبرة ذهاباً
وليس العكس..
بقلم ماهر محمد
Discussion about this post