بقلم الكاتب بكور عاروب
كل شيئ هنا متعب للقلب و النظر … زحام رهيب … ما كان يملأ قلبه حسرة أن المنظر يوحي بأن البلاد كلها تعاني من السرطان … كأنه يوم الحساب … لا مشاجرات في هذا الزحام المعتاد على الاشياء في بلادنا … المظهر الوحيد المشابه أن هناك من يدفع ليعالج ألمه قبل ألم الآخرين أو يستخدم هاتفه ليحقق ذلك رغم التغطية السيئة جدا في حرستا … هنا … الكل ينظر الى السماء ..
كان هاتف سالم يطمئن على سلامتهما و كان يقطع المشفى جيئة و ذهابا من أجل أي شيئ يسعد قلبها جلس متعبا بعد سهرة حب رائعة بلا طاقات سلبية بالمطلق لم يشعر خلالها بأي تعب او نعاس حتى صديقتهم الأميرة النائمة كانت في أتم استعدادها مثل تاجر خضار في الزبلطاني ينتظر بضاعته … فكر في أنه حقاً كان يفتقده … لقد أحبه عبر الوقت بلا أي مبرر .. كتب له رسالته وهو متأكد من حبه الابدي لصديقه… صديقي و أخي الحبيب صخر:
لا يا صديقي ليس هكذا يكون تعاطي الأشياء ..هو أخوك و أكبر منك و متمسك بك إلى آخر المشوار ولكن كل ما هو مطلوب ان لا ترميه بما ليس فيه لمجرد انك تبحث عن حجة للتبرير … أن لا تبغضه لمجرد انه احبك و كان معك بما يستطيع دون أن يترك لنفسه اي فرصة للتفكير في قيمة الأشياء او رد الجميل … تعرفه تماما … تعرف انه ليس بحاجة احد معرفيا و لا حتى انت او غيرك … بل فياض بفضل الله على من قدر الله له أن ينتفع بمعرفة صديقك … ولا هو بحاجة احد في دنياه فالله مع الطيبين … كل ما كان يبحث و مازال و يبقى هو الحب و المودة و الصداقة الحقيقية … رجل بلا وطن حنون فكان و سيبقى وطنا حنونا لكل قلب في هذا العالم ما استطاع … لا هو ليس المنقذ … ولكنه الرجل المحب للدنيا و حتى الذين ابغضهم تعامل معهم بكل لطف وانسانية …
و حتى في هذا الوقت لم يطالبك بشيئ فلماذا تتهمه ولا تتفهم موقفه … لماذا تريد سحب النور حتى من غرفة اقرب الناس اليك و اكثرهم في هذا العالم فضلا عليك وهو من رحمك وابن البيت و شقيق الرغيف و الشعر … تعرف صديقك منصف و عادل قدر الامكان فلماذا تريد ان تجتاح العالم بلا قربة من ماء الحب … وليس الوهم و الخيال بديلا للماء في صحراء السف … الابداع شرطه الاساسي المحبة و بدون ذلك هو منحوتة من اسفلت أسود نصفق لها مرة واحدة ولا نعود فالقلوب تمل …و جمال باهت لا يهم احد … الطاقة السلبية لا تستمر … هي قاتل ولو كان وسيماً جدا … لماذا على الجميع ان يحتملك انت … وانت لماذا خلقت ؟ لتكون نظارة سوداء و قهوة مرة و اغنية عالية … القلوب كالمطر تنفع عندما تكون لينة اما هذه القساوة و الروح الصخرية لا يهتم لها احد هي مجرد عابرة في نظر الاخرين … لا تفقأ عين الحب بدون حجة صادقة … و تفجر الغضب في قلوب الذين أحبوك ..
النخل لا يتغير و قليل من الحجارة لا بأس به رغم ان الله طالبهم بهزها لتمطر الثمر و ليس ضربها … حقا كنت على صواب يا جمال عبدالناصر حين قلت قلل من الأصدقاء و أكثر من المعارف … لو كنا على المعرفة فقط لما نالني كل هذا الغبار ولكنا مثل كل الذين تخاطبهم بدبلوماسية بالغة ظنا انهم كبار و هم في ظل جبل أخيك … وقع رسالته بكل حزن قلبه النبيل الذي يدركه صديقه صخر و كان صوت المؤذن يعلن رسالته إلى العشاق يدعوهم إلى بيت من لا معشوق بحق سواه و أرسلها مع دمعتين و خيبة بحجم جبال القلمون التي كانت تعاند عينيه من أمام مشفى المتعبين كما صرحت بذلك سيدة دمشقية متعبة اناقتها من وجه هزيل و من ( مشفى اللي ما يتسمى) كما صرح بدوي حانق على السرطان الذي اتعب اخته هدلة … جاء الهاتف فقال لها و دمعة حب في عينيه … لا اله الا الله فأجابت محمد رسول الله و عاد ليقطع شوارع الانتظار بقدمين اتعبهما القلق و حملهما الأمل الكبير و نظر إلى السماء … آمين .
Discussion about this post