آمل أن تكوني بخير؛ بحالٍ أفضل من الذي أعيشه هنا في بقعةٍ بعيدةٍ عن حضورك، أحفظ طريق العمل جيّدًا وأذهب إليه يوميًا، ومع ذلك أتمنّى لو أنني أضل طريق العمل وأصلُ إليك، لكنكِ أبعد من أن يَضل المرء طريق عمله وصولًا إليك! آمل لو أن وجوه المارّة كانت تُشبهك، لكن لا أحد يُشبهك هنا، ولا شيء بامكانه أن يحل مكانك،
أقول دائمًا بأن غربة المكان قد لا تعني شيئًا، نحن لا نخاف تغيّر المكان أو المناخ إنما الأوجه، أمشي بين هذا الكم الهائل من الوجوه واحدًا تلو الآخر أبحث فيهم عن اسمك ولا أجدك، أنا لست وحيدة بقدر ما أنني أنقصك.
آكل بانتظام لأن رتابة اليوم تجبرني على أن آكل بانتظام،
أنام واستيقظ في الوقت المحدد، لأنني مجبر على مدارة يومي الذي يُفرض عليّ أن أعيشه، أُنجز كل شيء يُطلب منّي في العمل وكل ما يجدر بي فعله لإسعادي،
لأن لا خيار لي غير ذلك.
أحاول كثيرًا لكي أكون الشخص الذي عهدته قبل أن أغدو بمفردي، وأتذكّر جيّدًا،
-ومن منّا لا يتذكّر جيّدًا على أي حال؟-
قرأت اقتباسًا قبل قليل ظلّ يرنّ في عقلي لعدّة دقائق يقول:
“أستطيع تدبُّر الأمر صباحًا
لكن عند المساء
غيابكِ لا يُحتمل.”
إنه الليل !
لا خلاص من صوته الحزين، ولا فرار من وحشته!
المؤلم أن كل شيء يبدو عاديّا مُرتّبًا طبيعيًا، إلّا أنه من الداخل يضرب بنا الأرض ويرفعنا إلى السماء في عمليةٍ غير متوقّفة من الضرب، وفي اللحظة التي تقرّر فيها أن تقف أمام هذه الضربات المتتالية تمشِ وأنت مصابٌ بالدوار، فتتمنّى لو أن الكون استمر بضربك.
من يقول بأن المرء لا ينسى، يكذب. المرء ينسى كثيرًا ويتذكّر بقدر ما يرغب في النسيان، وكلّما نسى شيء، حاول بكل ما يملك أن يعود ويتذكّره،
ليختبر نفسه وللتأكد من شعوره الذي عان معه طويلًا!
هل تسمعين نغمة الموسيقى الحزينة التي تعيش فيّ؟ هل تسمعين صمتي أم أنكِ تنتظرين كلمةً أؤكد بها على فقدي؟
إنَني أُخيط الشوارع شارعًا شارعًا، وصولًا إليك.
أتفقد محفظتي التي لا تحوي على صورتك على أي حال، لكنني أرغب لو أنك بداخلها.
لأحملكِ معي بل الأصح لتحملَ عنّي ثقل شعوري!
أكتب لك لأنني في حالةٍ تدعو إلى ذلك، واتوقّف الآن لأن ما جعلني أبدأ النصّ، هو نفسه الذي يدعوني لإيقافه؛ غيابُكِ.
بقلم الكاتبة …. لينا مزالة
Discussion about this post