بقلم : الصحفية الدولية سلمى صوفاناتي
في ميدان بيت القاضي بالجمالية .. بجوار الحسين ، الذي يعتبر واحدا من أعرق الأحياء الشعبية في القاهرة القديمة .. فتح عينيه أول مرة على بائع الحلوى الشعبي .. وبائعة اللبان .. وصانع الطرابيش ..
كان يمر كما العظماء تحت ظلال أشجار الغار المزهرة .. فوق طريق مرصوف بالأشواك والحفر .. التي تزيد المبدع ثباتا وتشبثا بقيمه ومبادئه وعقيدته التي تجلت جماليتها في العديد من المواقف التي سنسردها معا .. في عدة أجزاء .. نسلط فيها الضوء على حياة واحد من أساطير مصر العظيمة .. لم يغادر القاهرة ولم يبتعد عن الحدود .. لكن هذا لايدل على أن رؤياه كانت مغلقة بحدود الحدود .. لا بل كانت أكثر شمولية .. كان البقاء داخل حدود مصر .. هو العتبة التي أتاحت له أن يمارس الحفر الهادئ الذي أوصله إلى جائزة نوبل .. نعم فلولا تلك المحلية العميقة والمتجذرة .. لم تصل شهرته إلى العالمية المطلقة ..
أما عن أبرز المحطات في حياة الروائي والأديب العالمي نجيب محفوظ .. سنتابع سردها تباعا مع د الإعلامي أشرف كمال .. رئيس تحرير صحيفة الرواد نيوز الدولية .. وحين سألناه عن الجانب الديني والعقائدي في حياة نجيب محفوظ أجاب قائلا :
بداية دعيني أنوه لنقطة هامة وهي أن نوبل هو الذي كسب جائزة نجيب محفوظ .. فلقد أعاد الضمير الأدبي للجائزة في العالم .. مادعاني أن أختار الجزئية التي تطرقت للناحية الدينية والعقائدية .. والمقالات المغرضة التي حاولت أن تشكك في توجهه الديني والعقائدي.. واتهامه من قبل من أراد أن يمس هرما كبيرا من عمالقة مصر العربية .. بأن ولائه كان لليهود .. وهذا الكلام مردود على الجهات التي تسعى جاهدة لتشويه القيمة الجمالية والحضارية لجمهورية مصر العربية وكبار مبدعيها ..
وقد ذكر الأديب الراحل بأنه كان يعد لنفسه برنامجا تثقيفيا ذاتيا في بداية حياته يتعلق بدراسة الديانات الكبرى .. وتاريخ الحضارة والفكر الإنساني .. التي كانت إحدى مصادره التي اعتمد عليها في رواية أولاد حارتنا .. الذي استطاع أن يقتبس من خلالها قصة أيوب التي تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي قام ببطولته عمر الشريف مع وجود اختلافات بين الشخصيتين ..
يعتبر نجيب محفوظ صانع الرواية العربية بلا منازع .. فهو أول من طور فن الرواية في الأدب العربي .. وقف جنبا إلى جنب مع الرواية العالمية .. وهو أكثر كتاب الرواية العربية غزارة في الإنتاج فعلى مدى مشواره الأدبي قدم أكثر من سبعين رواية وقصة .. وعرف عنه أنه لم يقرأ أي كتاب لأكثر من مرة واحدة .. ماعدا القرآن الكريم .. الذي اعتاد أن يلازمه منذ الصغر .. وكان ملاذا يستظل به ويستنبط بعض رواياته وأحاديث الصباح .. وقد أفاد بالعديد من حواراته المقروءة والمسموعة والمرئية علاقته المتجذرة بالقرآن الكريم .. وعرف بأسلوب روائي متميز يجعله يدور حول الفكرة من جميع جوانبها ثم يتخطاها بأسلوب لايخدش الحياء .. وكفاه فخرا بأنه أول أديب عالمي حصل على جائزة نوبل .. وقد استضافته العديد من الصحف العالمية نظرا لأهميته وغزارة نتاجه وأهمية المراكز والمناصب التي تسلمها والتي ستكون المحور الذي سنعتمده في الجزء الثاني من حوارنا هذا …
يتبع ..
Discussion about this post