مِشنَقةُ الحُرية
القَرارُ هَجمةٌ مُرتَدّةٌ مُؤجَّلة، أحيانًا يَسقُطُ على حَياتِنا كَصَفعةٍ مُتأَخِّرة، أو رُمحٍ مُصَوَّبٍ نحوَنا بقوسِ القَدَر. لا يَنتَظِرُ أحَدًا، بَل يَرتَدي هَيئةِ العاقِبةِ الوَخيمةِ و يَنحَدِرُ عَبرَ أيامِنا بسَخاء. ذلك القَرارُ الذي اتَّخَذناهُ في ساعةِ عَجَل، بينَما نحنُ نحتَسي من كأسِ الغَفلةِ المُترَعة. يَنهالُ فوقَ رُؤوسِنا بالتَقسيطِ المُريحِ و المُؤلِمِ في آنٍ واحِد، فنَكرَهُ تلك الدَقيقةَ التي اتَّخَذنا فيها ذلك القَرار، نَلعَنُ ذلك العَقلَ المُدَبِّر، و نتَمنّى لو يَعودُ بِنا الزَمَنُ لنُكمِلَ طُفولَتَنا التي بَتَرَتها مِديةُ النُضج، تلك الطُفولةُ التي لَطالَما أعفَتنا عن حُريّةِ اتِّخاذِ القَرارات، و ألقَتنا بينَ أكوامٍ منَ القَراراتِ المُتَّخَذةِ مُسبَقًا فوقَ طَريقٍ مَرسومة، كانَ المُستَقبَلُ مُصَمَّمًا خِصّيصًا لنا، و الماضي يَمحو نَفسَهُ من جُلودِ عُقولِنا الصَغيرة، كانَ حاضِرُنا لُعبةً بين أيدينا، لُعبةً تُنسينا سائِرَ الأزمان. و الآنَ و قد كَبِرنا، كَبِرنا و تَرَكَتنا الطُفولةُ في مُنتَصَفِ الطَريق، و نحنُ نَتَسَوَّلُ مُستَقبَلًا يَليقُ بنا. لكنَّ المِطرَقَةَ تَسقُطُ كلَّ يومٍ على سَطحِ رُؤوسِنا، و يُصدِرُ القَدَرُ حُكمَهُ المُؤَبَّد: الإعدامُ شَنقًا بحَبلِ الحُرّيةِ حتى… حتى القيامة.
بقلم: مينا راضي
Discussion about this post