.
أقتفي آثارَ صمتٍ مطبقٍ، الهدوءُ فيه جزءٌ من ذلك الانصياعِ المؤدّيةِ نواصيه إلى مدينةٍ لا تُبادُ ، الهروبُ يقارعُ الأدخنةَ المنفلتةَ من زوايا الصّراخِ، يبكي الممرُّ الملتاعُ شوقًا إلى تلك الخطواتِ، أسمعُ النّشيجَ الآتي من خلفِ أحلامٍ جزعتْ من مصيرِ حالِميها فغادرتْ إلى جهاتٍ مجهولة.
أوّاه يا أيّها الحالمونَ كيف لتلك البربرية المتسترة برداء التطوّرِ والتمدّن تحوّلكم إلى جثثٍ متفحّمة، الأحلام تحال بين يوم وآخر إلى نباريسَ مطفأةٍ، أهزُّ جسدَ الإحباطِ كي ينهضَ من دمارِهِ، السّنواتُ الخمسةُ والسبعون تخجلُ من تجاعيد لياليها المؤرَقةِ، هي ليست إلا سيماءات نبل احتضاناتٍ لامجدية وقهرٍ مقيم، اليوم هناك ما هو أشدُّ هولا، هناك ما يقتلعُ الأذرعَ والرؤوسَ والأقدامَ.
هناك ما يحرقُ ويخنقُ، يا ليالي غزّةَ تحملين أثقالَ همومِ شعبٍ، بكل وحشيتهم ما قصموا فيك ظهرَ الصّبرِ فأنتِ جبلٌ. اليوم كلُّ ثانيةٍ فيكِ دهرٌ من شقاءٍ، الشقاءُ المتيمم صعيدا طيّبا ممزوجا بريحانِ العزّة، يا غزّة أهيلي فوق مقابرِ الخيباتِ التّرابَ، إنّ الزّمنَ ينتظرُ لحظة خشوعه في صلاة، الزّمن سيوفي نذرًا ادخره في حصالةِ السنين، والحصالة ستكسر وإنْ بعد حين لينبجسَ من عروقِها غدٌ بطعمٍ النّصر.
بقلم الشاعرة سامية خليفة… لبنان
Discussion about this post