مد وجزر…

قصة قصيرة… بقلم عايدة ناشد باسيلي

جف البحر على غفلة من الزمن، تلاشى كدخان، لا وجود له، بقيت منه صخور وكهوف لا أول لها ولا آخر، لا زرقة فوق الأرض، لا أسماك، لا حيوانات بحرية.. صخور غريبة الأشكال، سوداء وخضراء وحمراء، بألوان قاتمة.. عجيب غريب ما أراه.

صياد أنا، لا أعرف مهنة أخرى.. ها هو مركبي الصغير، مائل نصفه، ومغطًّ بالرمال، أكاد لا أصدق ما أرى، لعله حلم! لعله كابوس! سوف أصحو الآن وأرى البحر أمامي..

ما تلك المخلوقات التي تخرج مِن الصخور.. مِن تحت الرمال.. مِن داخل الكهوف، لم أر أبدا مثلها، سأجري وأختبئ فوق هذا التل، صوتها مزعج أكاد أصم من أصوات تلك المخلوقات، بعضها ذو أربع أرجل، وبعضها الآخر له ست أرجل، ألوانها خضراء كالعشب، لها ذيل بضعف حجمها، ينبشون الأرض الرملية، يختفي بعضهم تحتها ثم يظهرون من جديد.

الوقت يمضي، الشمس تبدأ في المغيب، يتراجعون حيث مكان البحر المختفي، هدوء يعقب اختفاءهم، سوف أذهب لأرى ماذا في الحفر التي غاصوا فيها.. بيض! نعم بيض، هذا بيض أخضر أيضا، حجمه كحجم النعام!

سوف أذهب إلى كوخي وأنام.. قطتي الجميلة، أنت جائعة، لم أحضر لك اليوم سمكات غذائك، عندي علبة من سمك التونة، سوف أفتحها لك، وآكل منها أيضا.. الساعة السادسة صباحا، أنا خارج كوخي لا أرى أي إنسان من حولي. ذهب الجميع، هربوا من هذا المنظر المخيف، قاع البحر مرعب حقا بدون مائه وأسماكه.

مر النهار ثقيلا وأنا جالس فوق الرمال أحاول أن أستوعب كل ما حصل، أين تلك المخلوقات الغريبة الخضراء؟! النهار يكاد ينتهي، ها أنا أسمع أصواتهم الآن كما في موعد الأمس، سأجري وأختبئ فوق التل نفسه، وكما حدث يوم أمس؛ حفر بعضهم حفرا في الرمال الناعمة، واختفوا فيها للحظات، ثم خرجوا، ورجعوا جميعا إلى مكان البحر واختفوا…    سآخذ بيضة من البيض الأخضر، سأطعمها لقطتي وأرى لو أكلتها… إنها تلتهمها  وتموء وهي تلتهمها. ما هذا؟ أراها وقد تضخمت. تعالي قطتي الصغيرة، ماذا حل بك؟! هل أعجبتك البيضة؟ هل طعمها لذيذ؟.. أرى أن طعمها أعجبك، أراك وقد تضاعف حجمك، سأنتظر حتى الصباح لأرى إن كنت ستبقين هكذا ضخمة…

لا تقتربي مني، معقول! أأنت قطتي الصغيرة؟!  أصبحتِ في حجم الأسد، لا تغضبي مني، أنا أحبك، ولكن مظهرك تغير، هل إن أكلتُ مثلك بيضة سيتضاعف حجمي؟ سأذهب إلى حيث مكان البيض وأحمل بعضها إلى هنا…    قميصي يتمزق؛ فأنا أتضخم، أتضاعف، لقد استطالت قامتي، ورأسي اصطدم بسقف الكوخ.

من مجموعتي القصصية

” شَعر أشقر ”