في ذكرى ميلاده
الفنان أحمد زكي.. سفير الفقراء والبسطاء والمهمشين
كتب/خطاب معوض خطاب
الفنان الراحل أحمد زكي الذي ولد في مثل هذا اليوم منذ 77
سنة وتحديدا في يوم 18 نوفمبر سنة 1946 يعد واحدا من أكبر وأهم وأشهر الفنانين المصريين والعرب وأحبهم وأقربهم إلى قلوب المشاهدين، وقد وصفه الناقد السينمائي طارق الشناوي بأنه شاعر المطحونين، وفسر هذا الوصف بقوله: “إن الفنان أحمد زكي هو الوجه الذي يتوحد مع البسطاء والمهمشين، كما أنه يمثل التعبير الحقيقي عن الإنسان المصري بإحباطاته الكثيرة وآماله الضئيلة، وهو أعمق وأهم موهبة فنية ظهرت في حياتنا”، وقال الفنان نور الشريف: “لو كان تقييمي كممثل هو 7/10 فمن المؤكد أن أحمد زكي سيكون 10/10″، وقال المخرج عاطف الطيب: “إن نور الشريف يمنحني الأداء الذي أطلبه منه ويجعلني أراه مكتملا في تجسيد دوره، أما أحمد زكي فيمنحني أبعد بكثير مما أتخيله حتى أبعد من ذروة الأداء”.
والحقيقة أن الفنان أحمد زكي كان بحق إمبراطور التقمص والإبداع، ففي فيلم “عيون لا تنام” حمل على كتفه أنبوبة غاز مشتعلة، وفي فيلم “طائر على الطريق” ألقى بنفسه من سيارة مسرعة، وفي فيلم “العوامة 70” طلب من المخرج أن يتم ضربه ضربا حقيقيا في أحد المشاهد، وبالفعل تم ضربه أو كما يقال: “أكل علقة ساخنة”، وفي فيلم “ناصر 56” دخل صفوت الشريف وزير الإعلام وقتها الاستوديو الذي يتم فيه التصوير، وحينما طلبوا من أحمد زكي أن يذهب لملاقاة الوزير ومصافحته ما كان منه إلا أن صرخ قائلا: “أنا رئيس الجمهورية، ييجي هو يسلم عليا هنا”، ولم يكن هذا تكبرا منه بل تقمصا لشخصية الرئيس جمال عبد الناصر.
وقد كان بحق سفير الفقراء والبسطاء والمهمشين، فبجانب تجسيد أدوارهم على الشاشة كان قريبا منهم في الواقع، فيروى عنه أنه اعتاد أن يجلس على مائدة طعام واحدة في المطاعم مع سائقه الخاص ويشاركه الطعام، وأنه كان يمنح عمال المطاعم بقشيشا كبيرا يفوق الخيال، مؤكدا أن من حقهم أن يعودوا لأولادهم ومعهم كيلو من اللحم ليأكلوا مثلما أكل هو، وعن أحمد زكي الإنسان البسيط القريب من البسطاء يقول شاهد عيان وهو الدوبلير محمد النوبي الذي كان يؤدي بعض المشاهد الخطرة بدلا منه: “كان يستدعيني ويطمئن علي ويتأكد أن الطعام المقدم لي مثل ما يقدم له، وكان يعطيني مبالغ كبيرة من جيبه الخاص بخلاف الأجر الذي كنت أحصل عليه من المنتج”.
وحينما مرض أحمد زكي مرضه الأخير اتصل به العديد من الملوك والأمراء والرؤساء العرب، كل منهم يعرض عليه السفر من أجل علاجه على نفقته الخاصة، إلا أنه كان يعتذر لهم عن قبول طلبهم ويقول: “بلدي أولى بعلاجي”، وهو كان يفرح بهذه العروض لأنها كما كان يقول دليل على حب الناس له، لكن أكثر ما أفرحه أثناء مرضه الأخير كان الرجل الفقير الذي قابله عندما كان متوجها لمركز الأشعة بمستشفى دار الفؤاد، حيث توجه إليه ذلك الرجل متجاوزا كل من أحاط به واحتضنه وقبله وقال له: “أنا رجل فقير من أسوان وعلى أد حالي بقالي 3 أيام مستني أشوفك يا أستاذ، لو ممكن تقبل مني كليتي أتبرع بها لك علشان ربنا يشفيك”، وقتها تأثر الفنان أحمد زكي بموقف هذا الرجل الذي لا يعرفه، وفرح جدا جدا يومها لأن الله قد وضع محبته في قلوب الناس.
وكان رحمه الله كريما بإسراف لدرجة أنه حينما مات لم يترك سوى مبلغ 130 جنيها فقط، حيث أنه حينما قام ببطولة فيلم حليم استلم أجره عنه وأعطى مبلغا كبيرا من المال للفنان عبدالله محمود الذي كان يعاني من نفس المرض الذي يعالج منه أحمد زكي، والذي كان دائم الإتصال به للإطمئنان عليه، وحينما مات أيقن عبدالله محمود بقرب رحيله، وبالفعل لحق به بعدها بشهور معدودة، وكان رحمه الله قد دفع من جيبه الخاص نفقات أداء العمرة لثلاثة من الموظفين في مستشفى دار الفؤاد، كما اشترى مقبرة في مدينة 6 أكتوبر ليدفن فيها بعد موته، ولكن أول من دفن فيها كان صديقه المقرب الفنان ممدوح وافي، وقظ توفي أحمد زكي في 27 مارس 2005 ودفن فيها هو الآخر.
Discussion about this post