قد يجد الكثير ضالتهم التعبيرية في هذا المقال ، وفي المقابل قد يثير الكثير من اللغط والجدل والامتعاض عن البعض الآخر ، ليصل الى درجة الرفض شكلا ومضمونا ، ولست هنا في معرض المقولة ( خالِف تُعرف ) غير انّ ما وصل اليه الحال واقعا ملموسا واقرب ان يكون لوباء يصيب مفاصل المجتمع وعلى وجه التحديد فئة طلبة العلم بكل الوانه واجناسه وصنوفه او اللاهثين لينهلوا من فيض العلوم بغية التطوير والاستزادة والمساهمة في بناء وتكوين وتطوير الاوجه الفكرية والثقافية في المجتمع .
كلّ شيء ، وكلّ علم ، وكلّ اتقان لحرفة ما ، ان لم تزينه الاخلاق والتواضع فهي هباء ، والهباء ذلك الرذاذ الابيض المشتت الخاوي الذي يرافق باقة ضوء الشمس التي تخترق الكوّة او النافذة ، ليس اكثر من هباءٍ منثور .
العقل والعلم اسمى ما حبا الله جلّ وعلا به الانسان ، ( علّم الانسان ما لم يعلم ) سبحان خالق الاكوان لم يكلّف احد من خلقه النوراني ( الملائكة ) شرف هذه المهمة ، بل جلّ وعلا حين كفل تعليم الانسان بذاته العلية دون الخوض في الكيفية .. والعلم رسالة من رسالات الانبياء والرسل ، وتكليف لمن اصطفاهم لحمل اعباء تلك الرسالة ، غير انّ الانسان ( غير السويّ) ابى واستكبر ولم يدرك العمق الانساني لهذه الرسالة انما اتخذه مطيّة للاستعلاء والتكبر والغرور بل ويصل الحال الى امتهان كرامة من هم دونه مرتبة ، ( هل اتى على الانسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟ ) ، والغريب في الامر ان نجد مثل هذه الاوبئة التي تنخر كالسوس في مفاصل المجتمع وجسده الحيّ ( الشباب ) قد اصابت البعض ممن يصنفون انفسهم ب ( نخبة المجتمع الثقافية او العلمية والاكاديمية ) .
وقد صنّفت في اصل متن المقال وخصصته عن الانسان ( غير السويّ ) ، والمقصود بهذا ما اصابه وباء الفوقية والغرور والتكبر .. آفة العلم الخيلاء … !! سيكولوجيا هي شخصية غير سوية مريضة ، تمتلك قدرات هائلة للتفوق او الاهتمام بتفاصيل الشخصية وتقديمها للمجتمع بدوافع حب الذات والانانية المفرطة لدرجة تعظيم النفس وان الكلّ دونه ، تلك هي الشخصية المعلولة بالنرجسية .
يقول عالم النفس والاجتماع ( رينهارد ) رغم ان النرجسيين يكوّنون صورة معظّمة عن انفسهم فأن لديهم رؤية سلبية عن ذواتهم وكثيرا ما يلجئون للهجوم عندما يشعرون بأن فوقيتهم معرضة للخطر …
الانتقاد ، او مخالفة وجهة النظر ، او حتى ابداء الرأي ولو كان موافقا لآرائهم وفيه بعض الاجتهاد يجدونه انتقاصا من عظمتهم ، والعظمة لله تعالى وحده .
وقد قيل للمهلب بن ابي صفرة حين كان واليا على خراسان في عهد الخليفة عبد الملك وحين كان يتبختر بين الناس فاستوقف احدهم وقال له ، اتعرف من اكون ؟ فقال : نعم اعرفك ، اوّلك نطفة مذرة ، وآخرك جيفة قذرة ، وانت بين ذلك تحمل العَذرة …
Discussion about this post