(20)
* التاجر المتسول *
السيد محمد هو تاجر مرموق في المدينة لأكثر من 50 عاما ، جمع من الأموال الكثير ، و اشترى أراضي و عقارات ، كان له من الأولاد و البنات و تزوج البنات جميعا ، و تزوج أيضا الأولاد و أصبح كل منهم يعيش في بيت منفصل و له حياة مستقلة .
قضى السيد محمد حياته ليساعد أبنائه و أسرته و كانت تسانده زوجته في كل أعماله ، فهي العقل المفكر و المدبر و كلمتها مسموعة لدى الأبناء أيضا.
في يوم حزين استيقظ السيد محمد على أنين زوجته ، التي أصيبت بجلطة دماغية مفاجئة أدت إلى وفاتها .
كم كان صعبا وقع الحادث على السيد محمد ، أدى به إلى حالة اكتئاب و حزن شديد مما جعله يفكر بالموت و قرب الأجل ، فكر السيد محمد بتوزيع تركته ( أقصد أملاكه) و هو على قيد الحياة .
اتصل بأبنائه واجتمعوا الذكور دون الإناث و أخبر محمد أولاده بأن العمر شارف على الانتهاء وأنه كبر في السن و وفاة أمهم هدته وهو يحس باقتراب الأجل ، لذا أراد أن يوزع أمواله و أملاكه على الأبناء الأربعة ولم يعطي للبنات شيئا كي لا يذهب ماله للغريب ( زوج البنت ) لم تستطع البنات الاعتراض رغم الامتعاض لأنهم يحبون والدهم و يحترمون قراره .
مرت الأيام تلو الأيام إلى أن جاء اليوم الذي طلب فيه الأبناء أن يبقى الوالد بالبيت و هم سيتولون أمر العمل ، و قال أحدهم : يا والدي انت تعبت كثير والآن ارتاح نحن نتولى كل شيء ، وأصبح الأب بلا عمل ، وباع بيته ليعيش في بيت ابنه ، و بعد ذلك أصبحت زوجة الابن تتذمر إلى أن اضطر السيد محمد للخروج من بيت ابنه إلى بيت ابنه الثاني و الثالث و الرابع و في كل مرة يحدث معه الشيء نفسه ، فوجد نفسه بلا مأوى ولا يمتلك مصدر رزق .
أصبح السيد محمد كبيرا في السن ويعاني الاهمال والتنكر و الجحود من أبنائه الذين أهملوه بعد أن أصبح كل شيء ملكا لهم ، ولا يجد ما يأكله مما اضطره للتسول في الطرقات وهو يقول “ارحموا عزيز قوم ذل ” .
مر عليه زوج ابنته الصغرى ، جن جنونه حين وجد حماه يتسول وحاله يرثى لها ، أمسك بيده وأخذه معه لبيته ، و اقسم ألا يتركه يغادر الى أي مكان آخر ، فرحت ابنته بوجود أبيها في بيتها ، كما أن محمد فرح بأحفاده ، و ندم ندما شديدا لأنه حرم البنات من حقهم ، كما أنه تسرع حين أعطى كل ما يملك للأبناء ولم يترك لنفسه شيء.
بقلم الشاعرة سامية البابا…. فلسطين
Discussion about this post