الفنان محمد توفيق.. أستاذ الأداء التلقائي وملك الأدوار المعقدة
كتب/خطاب معوض خطاب
الفنان الكبير محمد توفيق الذي ولد في مثل هذا اليوم منذ 115 سنة وتحديدا في يوم 24 أكتوبر سنة 1908 يعد واحدا من أهم الفنانين المصريين على مر التاريخ، وقد أطلق عليه النقاد لقب شيخ الممثلين ووصفوه بأنه ملك الأدوار المركبة دون منازع، وهو بالفعل يستحق فعلى سبيل المثال هو أفضل من قام بتجسيد شخصية المدمن على شاشة السينما، ومشاهده في فيلم “الأخ الكبير” لا تنسى، كما أنه كان أفضل من قدم شخصية أصحاب الحالات الخاصة، ومن المؤكد أن الجميع يعشقون دوره في فيلم “حسن ونعيمة” وهو الدور الذي حصل عنه على جائزة ألمانية كبرى في التمثيل، كما أنه كان واحدا من أفضل الذين جسدوا شخصية المغلوب على أمره ودوره في فيلم “شيء من الخوف” شاهد على ذلك.
والجدير بالذكر أنه كان هو المرشح الأول لتجسيد شخصية قناوي في فيلم “باب الحديد” الذي عرض في سنة 1958 إلا أن المخرج يوسف شاهين أدى الدور بنفسه، وحينما سئل الفنان محمد توفيق بعد ذلك عن هذا الأمر قال: “لست حزينا على ضياع دور قناوي مني فقد أداه شاهين بطريقة جيدة”، وقد ولد محمد حسن توفيق المنصوري العجيزي في طنطا في يوم 24 أكتوبر سنة 1908، وترك دراسته بمدرسة التجارة العليا “كلية التجارة فيما بعد” والتحق بالدراسة في معهد التمثيل، وفور تخرجه في المعهد عمل بفرقة أستاذه جورج أبيض، كما عمل بفرقة عزيز عيد وفرقة خليل مطران المسرحية.
وسافر إلى إنجلترا لدراسة فن التمثيل، وهناك تتلمذ على يد أسطورة التمثيل العالمي لورانس أوليفييه ومايكل رد جريف والمخرج المسرحي تيرون جاثري، كما عمل لعدة سنوات مخرجا بالقسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، وحين عاد للقاهرة عمل مخرجا بالإذاعة المصرية وظل يترقى بها حتى أصبح كبيرا للمخرجين بالإذاعة، ومن أهم وأشهر المسلسلات الإذاعية التي أخرجها للإذاعة مسلسل “العسل المر” ومسلسل “حسن ونعيمة” والاثنان قامت الفنانة كريمة مختار ببطولتهما، كما أنه أخرج النص العربي لمشروع الصوت والضوء في منطقة الأهرامات وأبي الهول سنة 1964، كما أنه أخرج عددا من المسرحيات منها: “فاوست” و”مرتفعات ويزرينج” و”6 شخصيات تبحث عن مؤلف”، كما أخرج ومثل مسرحية “الزلزال”.
كما شارك في بطولة عدد من الأفلام السينمائية وكان أداؤه بمثابة مدرسة لتعليم فن الأداء التلقائي منها “مصنع الزوجات” و”لك يوم يا ظالم” و”سمارة” و”لوكاندة المفاجآت” و”أرض الأحلام”، كما شارك في بطولة عدد من المسلسلات التي ترك بها بصمة بارزة في تاريخ الدراما التليفزيونية منها “عادات وتقاليد” و”القاهرة والناس” و”محمد وإخواته البنات” و”رحلة السيد أبو العلا البشري” و”ولسه باحلم بيوم” و”ما زال النيل يجري” و”هند والدكتور نعمان” و”يوميات ونيس” و”غوايش”.
وقد عمل الفنان الكبير محمد توفيق في بداية حياته الفنية مساعدا للإخراج في عدد من الأفلام السينمائية منها فيلم “الورشة” الذي أخرجه الفنان استيفان روستى سنة 1940، كما قام بتدريس فن الأداء التمثيلي بالمعهد العالي للسينما بمصر، بالإضافة إلى قيامه بتدريس مادة الصوت والإلقاء في معهد الفنون الجميلة ببغداد، حيث تخرج على يديه نخبة من فناني العراق المعروفين، وكذلك في عدد من الدول العربية الأخرى ومنها الكويت وليبيا.
وعرف عنه الإلتزام والاحترام الشديد طوال مسيرته الفنية، ومما يذكر أنه قد انسحب من على خشبة المسرح ذات ليلة أثناء أداء دوره في مسرحية مع الفنان محمد نجم، وذلك لخروج بطلة المسرحية عن النص بأسلوب لم يرض عنه، ورغم توسلات أبطال العرض المسرحي له أمام الجماهير إلا أنه أصر على موقفه المحترم، وتم تكريم الفنان الكبير محمد توفيق كثيرا على مدى سنوات عمله الفني الطويلة، حيث حصل على وسام العلوم والفنون سنة 1967 وسنة 1979، وقد توفي بعد حياة حافلة بالعطاء الفني المتميز في يوم 27 مارس سنة 2003 عن عمر تعدى 95 عاما.
* من كتاب “شخصيات مصرية بين التهميش والنجومية” الجزء الثاني الصادر عن دار السعيد للنشر والتوزيع.
Discussion about this post