بقلم الشاعرة … الشاعرة حسناء سليمان
الكتابةُ المنشدة السّلام…
تشدّنا الكتابةُ المنبثقةُ من نورٍ يُظلّلُ عتمةَ أعماقِ الإنسان…
ويأخذُنا الخيال …رُحنا نمتطي فرسًا أغبرَ في مواكِبِ النّبضِ المغامرِ …
والزِّمامُ سراجُ الزّمان …
ضيعتي كانتْ أحياءً أحياءَ ، عامرةً بالسّكّان…
البيوتُ المهجورة اليوم اكوامٌ أكوام من الحجارة والرّكام…
لا حياة فيها ولا رونق … أين المنتور والحبق؟…
لم يبقَ خلفَ الدّارِ حتّى ريشةً واحدة …
فقط قنديلٌ عتيقٌ في الزّاوية المتروكة …
وبعضُ خشباتٍ لم ينخرْها السّوسُ من القطران الجاثي في المكان …
راحتِ الكلماتُ المشتاقة الى أنسٍ ،تشقعُ حجارةَ السّكونِ كبناءٍ على صخرٍ …
لا أحدَ فيه سوى الأحلام …
رحلَ أصحابُ هذا التّراب … هناك نضوةٌ ،كنزُ ما رأيت …
حملتُها وكأنّني ألامسُ غيمةً في الأرض …
تلكَ الغيمةُ هالةُ وجوهِ النّاسِ الّذين تَرَكُوا دنياهم أيّام الحربِ وهاجروا…
تراءت لي عيونُهم المغشّاةُ بالبسمات … كيف لا وَقَدْ تخلّصوا من الجوعِ والجراد والحصار _وما زال الحصار علينا من كلّ حدبٍ وصوب _…
وبقيَ … وبقيَ حنينُهم الحزينُ المشتاقُ الى أرضِ الاجداد …
هذا الرّكامُ لامسَ قَلْبي بالأحلامِ والبساطةِ والقناعة…
الحيطانُ نبتَ فيها السّنديان … في الشّقوقٰ أعشابٌ بمهابةِ الأحزان…
بقيتْ أغصانٌ من دالياتٍ جابهتِ العواصفَ يتدلّى منها العناقيدُ ثريّاتٍ بلونِ التّبر ، لوّحتها الشّمس واحمرّت كالمرجان…
هي المعاناةُ مدى الدّهورِ في أوطانِنا مستيقظةٌ في حطامِ جرارِ الفخار…
تحلمُ بالصّبايا يحملنَها الى العينِ البعيدةِ ويحلو المشوار…
تتراءى لي تلك الصّبايا بثيابٍ تُغطّي الأجسادَ الممشوقةَ …
وبوشاحٍ يَحمي الرّأس من الشّمس …_كثيرًا ما يخفرُ الرّداءُ الخفار _…
يَترقّبْنَ الحبيبَ الآتي من الحلم …
والحلمُ لو تحطّم لجفَّ فينا نبعُ السّعادة …
لم أعشْ هذه الحياة ، قرأتُ عنها في الكتب وسمعتُ الأغنياتِ الباقية من
تُراثِنا الماضي الأبيض الجميل المنمّق براحةِ البالِ …المرّصّع بلؤلؤِ السّلام …
(“لمّا ع طريق العين”للصّبوحة ).
(أخبرَني أبي عن ضيعتِنا وهي بالحقيقة سبعُ ضياعٍ، منها “المشيتيّة “حيث النّاووس لجدّنا كنعان {معلومات من العلّامة الأبّ يوسف يمين }
ومنها “عبرة ” “بنسمخ ” ,”قرحين” “ايطو” وحيرونا “…
وأيضًا “ادنيت” حيث نرى ركامَ البيوتِ المهدّمةِ ومعبدًا ل”مار شلّيطا”…
والّتي تغمسُ قلَمي بحبرِ قلبي …تلوّنُ كلماتي بريشةِ الخيال، بألوانٍ قوسِ قزحِ المشاعِر المزنِّرِ سماءَ ضيعتي معلنًا انهمارَ المطَر ِأحيانًا والصّحوَ أحيانًا أخرى …
أحببتُ أن أكتبَ عنها وأخبرُ قرّائي الأحبّاء ،عن تاريخ “ايطو”وأرسمُ لهم بعضًا من جمالِها المغمورِ بالأشجارِ والاخضرار …
لو تقفون على شرفة بيتي !…وتَرَوْن الأفقَ الّذي لا يحجبُ عنّا الطّموحَ للسّفر …
ليته همسَ لنا أنّ لا حياةَ إلّا في وطنِنا… وبأيدينا نأخذُ حقوقَنا ولا تهزُّنا الأعاصير ، لا من الدّاخل ولا من الخارج بقوّةِ الله وعزمِ أبنائنا وقدراتهم …
لكن هذا الوطن يصدّرُ النّوابغَ ويستوردُ الزّوابع …)
الشاعرة حسناء سليمان في ١٦ آب ٢٠٢١ (١٢:٣٤ )
(وما زالتِ الكهرباء مقطوعة الآن …
عذرًا ؛ يشدّني الى الكتابة :العفويّة والصّدق ووصف الأمور كما هي دون أقنعة … تعبْنا من الأقنعة …)
Discussion about this post