كتب/ خطاب معوض خطاب
الدكتور حامد عمار.. شيخ التربويين المصريين والعرب
مدرس بالإبتدائي حصل على الدكتوراه وعمل بالأمم المتحدة
يوجد لدينا العديد من الأعلام والرموز والقامات الرفيعة في مختلف مجالات الإبداع ولكن للأسف الشديد تم تهميشهم وأصبحوا بعيدين عن دائرة الضوء الإعلامية، ولذلك نعرض هنا لسير بعض هؤلاء الإعلام حتى نتعرف عليهم وعلى ما قدموه من أعمال جليلة شهد لهم بها الكثيرون، ومن هؤلاء الأعلام الدكتور حامد عمار الذي يُعَدُّ واحدا من أهم المفكرين التربويين في العالم الثالث، وأحد الرموز المصرية الكبيرة التي أَثْرَت المجال العلمي والثقافي والتربوي في مصر والعالم العربي، وأحد القادة الأكاديميين المتخصصين في مجال التربية في العالم العربي، وأحد الخبراء الدوليين الرواد في التنمية البشرية، وقد لقبه الشاعر فاروق شوشة بلقب عميد التربويين، كما لُقِّبَ بشيخ التربويين وهو بالفعل يستحق، فهذا الرجل صاحب رحلة كفاح مشرفة سطرها بكفاحه واجتهاده ودَوَّنَها وأثبتها في كتاب عن سيرة حياته أصدره تحت عنوان “خطى اجتزناها.. بين الفقر والمصادفة إلى الجامعة”.
وقد ولد الدكتور حامد مصطفى عمار في يوم 25 فبراير سنة 1921 بقرية “سلوا” بمحافظة أسوان، وهي القرية التي وصفها بالقرية المعزولة والمحرومة من العمران، حيث نشأ بها وتعلم بالكتاب، ثم التحق بالمدرسة الإبتدائية بإدفو حيث انتبه له مدرسه جلال أفندي الأمير الذي أوصى والده بالاهتمام به وتوقع له بأنه سيصبح في المستقبل أفندي وخوجة له قدره، ثم التحق بمدرسة فؤاد الأول الثانوية بالقاهرة، وحصل على شهادة البكالوريا في سنة 1937 وكان ترتيبه الأول على مدرسته وكتب اسمه في الصحف وقتها حيث كان ترتيبه السادس على المملكة المصرية، والتحق بكلية الآداب قسم تاريخ حتى يحقق أمنيته بالعمل كخوجة ويصبح أفندي له قدره، وفعلا حصل على الليسانس في سنة 1941 وعمل مدرسا للتاريخ والجغرافيا بمدرسة قنا الإبتدائية، أي أنه قد أصبح بالفعل خوجة وأفندي تماما كما توقع له مدرسه وراعيه جلاب أفندي الأمير.
ثم حصل على دبلومة في التربية، ثم ماجيستير في التاريخ وكان عنوان رسالته “بحث في عدم تكافؤ فرص التعليم في مصر -سلوا – مديرية أسوان”، ثم حصل على دبلوم المعلمين من جامعة لندن، ثم ماجيستير في التربية من جامعة لندن، ثم ناقش رسالته للدكتوراه بجامعة لندن وحصل على الدكتوراه في سنة 1952 وكان موضوع رسالته عن قريته “سلوا” بريف أسوان وعنوانها “التنشئة الاجتماعية في قرية مصرية”، والطريف أنه بعد مرور 30 سنة تأتي ابنته الدكتورة نوال حامد عمار وتقوم بمناقشة رسالتها للدكتوراه بجامعة فلوريدا بأمريكا وتطرح فيها ما طرأ من تغيرات على نفس القرية خلال فترة الثلاثين عاما، وفعلا حصلت على شهادة الدكتوراه في سنة 1982.
وأصبح الدكتور حامد عمار مدرسا يقوم بالتدريس في كلية التربية بجامعة عين شمس، ثم ترقى من درجة مدرس إلى أستاذ مساعد إلى أستاذ أصول التربية، حيث ساهم في تخريج العديد والعديد من الأجيال الذين حملوا على أكتافهم المسئولية التربوية لطلابهم، فكان عن حق شيخ التربويين، بل شيخ شيوخ التربويين المصريين والعرب، حيث ساهم في تأسيس معهد الخدمة الإجتماعية بدولة الأردن في سنة 1971، كما ساهم في تأسيس مركز التدريب على العمل الإجتماعي في مسقط بسلطنة عمان، وأسهم في برامج مكتب صندوق الأمم المتحدة لرعاية الأطفال “يونيسيف” الإقليمي في أبي ظبي خلال الفترة من سنة 1972 إلى سنة 1974، كما كان عضوا في وفد مصر بمنظمة اليونسكو.
والدكتور حامد عمار له العديد من الإصدارات، حيث أصدر ما يقرب من 50 كتابا، منهم “العمل الميداني في الريف” و”في إقتصاديات التعليم” و”أعاصير الشرق الأوسط وتداعياتها السياسية والتربوية” و”المرشد الأمين لتعليم البنات والبنين” و”التنمية البشرية في العالم العربي” و”تعليم المستقبل من التسلط إلى التحرر”، كما أصدر كتاب “مواجهة العولمة في التعليم والثقافة” وكتاب “في آفاق التربية من رياض الأطفال إلى الجامعة”، وهذان الكتابان حصل عنهما على جائزة أحسن كتاب في العلوم التربوية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، ونال العديد من الجوائز والتكريمات مثل جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في سنة 1994، وجائزة الدولة التقديرية من مصر في سنة 1994، وجائزة النيل في العلوم الإجتماعية في سنة 2008، وكانت وفاته في يوم 10 ديسمبر سنة 2014 عن عمر تجاوز 93 عاما.
*من كتاب “شخصيات مصرية بين التهميش والنجومية” الجزء الأول الصادر عن دار السعيد للنشر والتوزيع.
Discussion about this post