… ولأني أخاف مما أخفته الأيام.. ومما عرفته يوماً في هذه الحياة، أترك لك هذه الرسالة على مر الزمن، فهي ليست وصيتي بل تجربتي الصادقة التي عشتها، أنا وأعمامك في زمن مضى، أقل ما يقال فيه، أنه كان لئيماً بكل معنى الكلمة.
يا علي..
لا يخدعنك من يتودد لك، فقد يكون بحاجة لمقصد ما، فإذا ما حقق غايته تنكر لمعروفك ورحل دون خبر، متنكرا لكل شيء، ولو اعتمر جلباب التقوى، فيصيب منك مقتلاً، طالما تلبس الحياة مغالبة ومخادعة، موزعاً على الخلق زكاته، ومتربصاً بما تخفيه الأيام …
يا علي..
أود أن أخبرك عن أعمامك،.. بشهادة صادقة لا زيف فيها، ولو كانت مني بحقهم مجروحة،.. كانوا مفخرة في الحياة، قدموا أرواحهم لله، ومضوا شهوداً وشهداء، وعرفوا ما كان يدور في خلد الآخرين، فلم تخدعهم الكلمات المعسولة الفارغة ممن أفاض بوعوده.
يا علي..
أعمامك أربعة من الشهداء، صرعوا في وطن الآيامى، فبكتهم أمي حزناً،.. ولبست السواد عليهم،.. وجابت الأرض باحثة عن ذكراهم، علها تسكن الفؤاد من هلعه، وتعيد شيئاً من أنسهم الحاسر من دنيانا إليها، فتطمئن إلى أرواح مهاجرة، لم تملك من حطام الدنيا شيئاً، بل كانت حكايانا فيهم، كأحلام مهاجرة في زمن المهاجرين..
Discussion about this post