صحيفه الرواد نيوز …
يحكى أن زوجة التاجر الثرى “سنفرو” مرضت
فجائها قائلاً آراك واجمة شاردة هذه الأيام يازوجتى
أبكِ مرض أم أن هناك أمر آخر؟
ردت الزوجة قائلة بى مرض يتزايد يوماً بعد يوم ولم أعد أشعر بلذة العيش
يبدو أن روحى أوشكت على العبور إلى دار الخلود وسأترك الحياة كلها حتى هذا القصر وطفلتى الجميلة “رادوبيس”
رد التاجر سنفرو سوف أذهب إلى المعبد وأعود إليك بأحد الكهنة للعلاج
الزوجة لا ترهق نفسك فما يقره الإله الواحد الأحد لا تستطيع يد الكهنة ردعه مهما كان لها من قوة
ردت الزوجة كل ما أطلبه منك هو أن تكون رحيماً بطفلتنا الجميلة “رادوبيس”
رد سنفرو سوف نهتم بها معاً
وبعد أن خرج الأب تأتى “رادوبيس” تجلس إلى جوار والدتها المريضة التى تحدثها بصوت متعب قائلةً استمعى إلى جيدا يا رادوبيس
قالت رادوبيس ماذا يا أمي؟
قالت الأم اقتربت من مفارقة الحياة يا بنيتى والوقت يقترب للرحيل إلى العالم الآخر الى دار الخلود
حيث أكون فى انتظاركم لنلتقى مرة أخرى ولن أتمكن من رؤية ملاكى الصغير أجمل العرائس فى “منف” كلها وأنت تزفين إلى قصر زوجك
قالت رادوبيس لا تكملى يا أمي سوف تعود إليك صحتك
قالت الأم دعينى أكمل
إن أباك لا يزال فى قمة شبابه وقد أنبأنى إحساسى أنه سيتزوج من امرأة تحل محلى وتنجب فتيات وجمالك وسوف يكون مصدر غيرة الجميع منك وحقدهم عليك وسوف تتعرضين للحقد والاضطهاد
وليس عليك إلا الصبر والإيمان بالإله الواحد وهو الذى سيحميك
قالت رادوبيس ماذا تفعلين يا أمي؟
قالت الأم تحت هذه الوسادة صندوق أعطني إياه إنه صندوق من خشب الصندل المطعم بالذهب والأحجار الكريمة إحتفظ به فى مكان أمين
فهذا صندوق الحلى الخاص بى ورثته عن أجدادي
تستكمل الأم حديثها فتقول ومن بين الحلى الموجود فيه قلادة “حتحور” ربة الجمال التى سوف تحفظ لك جمالك وتحميك من العين والغدر
فإليك الصندوق بأكمله
ولا تعيري أى شىء منه لأحد ولا تضعين القلادة على صدرك إلا يوم الزفاف فى معبد “حتحور” واليك هذا أيضا
قالت رادوبيس ما هذا يا أمي؟
الأم إنه صندوق آخر مصنوع من خشب الأبنوس المطعم بالفضة وهو يحتوى على حذاء نفيس لا يوجد له مثيل فى البلاد
وهو مصنوع من جلد الغزال ذهبى اللون والمطرز بخيوط الذهب والأحجار الكريمة
قالت رادوبيس إنه رائع حقاً
قالت الأم ليست قيمته فى جماله فحسب
رادوبيس وهل هناك شىء أخر؟
الأم نعم هناك ميزة أخرى فهذا الحذاء لن يتسع لقدم أى فتاة سواك
كما أنه سيكون مصدر حظ عظيم لك فى مستقبلك
حافظى عليه وضعيه فى مكان أمين لا تراه عين ولا تمتد إليه يد
رادوبيس إنه ساحر حقاً يا أمي سوف أجربه الأن
الأم لا لم يحن الوقت بعد يا بنيتى سوف ترتدين الحذاء عندما يحين الوقت الذى تحدده لك الإله
تموت الأم ويتزوج”سنفرو” من امرأة أخرى تنجب له فتاتين أقل حظاً من رادوبيس في الجمال وتمر الأيام والسنوات وينشغل الأب فى تجارته عن زوجته وبناته
ومن هذه اللحظة تكثر مكائد زوجة الأب ومحاولاتها المستمرة للوقيعة بين الأب وابنته اليتيمة
وبالفعل يتغير قلب الأب نتيجة لذلك فيستدعى رادوبيس
الأب رادوبيس أنا خارج لمباشرة تجارتى وأرجو أن لاتغضبى زوجتى
رادوبيس أنا أغضبها!
الأب منذ أن تزوجتها وأنت دائما تقفين أمامها موقف الند للند وتأخذينها مأخذ الأعداء
رادوبيس إنك بذلك تظلمنى
الأب أظلمك!
رادوبيس إن ظلم زوجتك وبناتها لي أمر هين
أما ظلمك أنت لي فهذا ما لاأستطيع تحمله
الأب لا تحاولى قلب الأمور وتغيير مجرى الحديث أنت تكرهينها
رادوبيس أنا لاأكره أحد لقد انشغلت أنت عنى
وزوجتك تعاملنى على أننى خادمة
يجب أن تستمع إلى ولو مرة واحدة أين كسائى الجديد؟
أصبح كسائى هو القديم والمستغنى عنه من ملابس أخوتي وطعامى أتناوله فى المطبخ
ودائما مايقال للضيوف أننى خادمة
الأب دعي هذا الحديث جانباً يجب أن تطيعى زوجة أبيك حتى ترضى عنك روح أمك القاطنة فى الشاطىء الأخر
وهنا يظهر أن الأب لا يقتنع إلا بحديث زوجته وتكتشف زوجة الأب وهى تفتش ملابس “رادوبيس” صندوق الحلى الخاص بوالدتها فتأخذه وتذهب به إلى الصائغ
وهناك تستبدله بمصاغ أخر لابنتيها حتى لايقال أن المصاغ الذى تتزينان به هو نفس المصاغ المسروق
رادوبيس أين ذهب هذا الصندوق؟
كان هنا فى خزانة ملابسى!
لابد أنه سرق
يا لها من سيدة ماكرة
لا أحد يستطيع دخول حجرتى غيرها
سأخبر أبي ولكن لن يصدقنى وسيتهمنى مرة أخري
خاصة وأنه لا يعرف شيئاً عن أمر هذا الصندوق
اما الصندوق الأخر الذى يحتوى على الحذاء لابد وأن أخفيه
وتخرج لحديقة القصر وتخفى الصندوق فى حفرة أسفل شجرة كانت أمها قد زرعتها لها وهى صغيرة،تمر الأيام وحياتها تسير من سيئ لأسوأ فى الوقت الذى اصبح فيه جمالها إلى نضوج مستمر تحسده عليها أخواتها ويشعر كل من يراها أنها سيدة القصر وهن وصيفاتها
وذات يوم حدث أمر عظيم فقد أتت زوجة أبيها وهى سيدة متسلطة وجلست مع بناتها تهمس إليهن
إستمعن جيداً
تستعد البلاد لأعياد الربيع وقد أعلن الأمير ابن الملك أنه سيختار عروساً ينتقيها من فتيات منف الجميلات وقد حدد أحد الأيام ليقيم حفلاً فى حدائق قصره سيكون يوما مشهودا لم تر البلاد مثله
وفى هذا اليوم يا فتياتى يجب أن تتزينن بأحسن زينة وسوف نخرج معاً إلى الحفل ونترك “رادوبيس” هنا
سوف أغلق عليها باب القصر حتى لا تجد مجالاً للخروج
وفى الحفل الذى أعلن عنه الأمير خرجت زوجة سنفرو وبناتها وتركن الجميلة “رادوبيس” فى القصر وحيدة
شعرت “رادوبيس” برغبة فى الخروج إلى الحديقة
وما إن وصلت إلى شجرتها حتى أسرعت فى لهفة وأخرجت الصندوق لتتأمل الحذاء الذى بداخله
رادوبيس يا له من حذاء جميل يجب أن أجربه
أعتقد أنه سوف يناسبنى الأن ولكن قدماى متسخة من طول الإهمال والحرمان يجب أن أستحم فى هذه البركة التى بنيت خصيصاً من أجلي عندما كنت وحيدة والداى المدللة
وبينما هي فى قمة سعادتها وقد فقدت الإحساس بما حولها فوجئت بأنّ أحد الطيور الجارحة يرفرف بجناحيه محلقا فوق الحديقة باحثا عن فريسة لينقض عليها
وفجأة شاهد الحذاء المطرز بخيوط من الذهب معتقدًا أنه شىء يُؤكل
فانقض عليه وخطف إحدى فردتى الحذاء وحملها بين مخالبه وحلق فى الفضاء البعيد ومر فوق القصر الذى يقام فيه الحفل فأفزعته أصوات الموسيقى وسقط الحذاء من بين مخالبه ليستقر بين يدى الأمير وهو جالس فوق المنصة
الأمير ما هذا الحذاء؟
إنه حذاء رائع رقيق المنظر تم صنعه بمهارة بالغة
من المؤكد أن صاحبة هذا الحذاء فتاة رائعة الجمال لقد أرسلته السماء فى الوقت المناسب
“أيها الحراس لابد من العثور على صاحبة هذا الحذاء أينما كانت
لابد أن تحضروا لى كل فتاة تتسع قدماها لذلك الحذاء و تدلنا على الفردة الاخرى”
وتمر الأيام والبحث مستمر ولكن بدون جدوى
فيجلس الأمير مهموماً وقد أمسك بفردة الحذاء فى يده ويحدث نفسه
“إن الأيام تمر وكل ليلة أخرج باحثا عن صاحبة الحذاء الذهبى
بحثت عنها فى القصور وفى البيوت جبت منف كلها بلا جدوى”
إلى أن ترسل زوجة “سنفرو” أحد خدامها إلى الأمير لتعرض عليه ابنتيها
ويذهب الأمير لمقابلة زوجة “سنفرو” فى حديقة القصر وهنا تلعب السماء دورها
زوجة الأب سيدى إنه لشرف عظيم أن تأتى لرؤية ابنتى وأنا واثقة كل الثقة من أن إحداهن ينطبق عليها الشروط
الأمير وأين الفتاتين؟
زوجة الأب بالداخل تفضل
يدخل الأمير إلى البيت وبيده فردة الحذاء وتحاول كل من الفتاتين أن ترتدى الحذاء فلا تنجحان
فيخرج الأمير وعلامات الحزن تعلوا ملامح وجهه
وفى الحديقة يشاهد رادوبيس فى أحد الأركان تسترق النظر لما يحدث بملابسها الرثة القديمة
لكن الأمير ما أن شاهدها حتى فتن بجمالها
الأمير من هذه الفتاة التى تقف هناك؟
زوجة الأب وهى مرتبكة ومتوترة إنها إبنة البستانى ولا يسمح لها بدخول المنزل!
الأمير إنها فتاة ساحرة الجمال
زوجة الأب تهادنه يا سيدى الأمير إنه لا يجدر بك أن تنظر لمثلها
الأمير تقدمي إلى هنا أيتها الفتاة
زوجة الأب إنها قذرة وثيابها رثة وأنا أخشى عليك
الأمير تقدمي
رادوبيس أنا طوع أمرك يا سيدى الأمير
الأمير أرجوا أن تجربى هذا الحذاء أيتها الجميلة
رادوبيس إنه حذائى
زوجة الأب هل وصلت بك الجرأة إلى حد الكذب على الأمير
ألم أقل لك يا سيدى الأمير إنها إبنة البستانى و….
الأمير مقاطعا انتظري يا سيدتى لم أفهم ماذا تقصدين بقولك أن هذا الحذاء حذاءك؟
رادوبيس إنه حذائى أعطته لى أمى قبل وفاتها
سوف أشرح لك كل شىء ولكن بعد أن أظهر إليك دليل صدقي سأعود حالاً
ذهبت وأحضرت الفردة الأخرى من الحذاء كي تثبت له كلامها ثم حكت له قصتها
فأمر الأمير بإحضار العربة الملكية وأخذ “رادوبيس” بجواره وذهب بها إلى ملك مصر ليقدم لها الأمير هدية الملك
فإذا به صندوق مصاغها الذى يحتوى على تميمة “حتحور” المقدسة التى أهدتها لها أمها قبل وفاتها
ويعلم الأمير بذلك
فيبحث عن صائغ القصر الذى يخبر الأمير بمصدر صندوق المصاغ الذى فقد من “رادوبيس”
ويصدر أوامره بالقبض على زوجة الأب وبناتها لكن “رادوبيس” تطلب من الأمير العفو عنهم فى موقف أخلاقى نادر قائلة أرجو يا مولاى أن تصفح عن زوجة أبى وبناتها
وتم زواجها من الأمير.
هذه كانت قصة “رادوبيس” ابنة “سنفرو” والتى وردت إلينا فى إحدى برديات “شستربيتى”
ترجع إلى عصر الأسرة 19
وردت القصة التى وجدت فى مقبرة “حر خبش إف” ضمن برديات “تشستر بتى” بالمتحف البريطانى
وتم العثور على نسخ أخرى منها تنسب إحداها للملك
“من كاو رع” ابن الملك “خوفو”
ويعود بعضها الأخر إلى العصر المتأخر وقد اشتركت كل النسخ فى الإطار العام مع اختلاف طفيف فى التفاصيل كما ذكرها المؤرخ اليونانى “هيرودوت”
ونقلها الكاتب “بروكسبانك” إلى الإنجليزية فى كتابه “قصص الفراعنة عبر العصور”
وانتشرت فى العالم كله بإسم سندريلا مع إغفال لأصلها المصري القديم.
Discussion about this post