أنا وصحائف الصوفية
بلقيس خالد
لماذا امرأةٌ نشرتْ أربع مجموعات شعرية ورواية، و (انطباع أوّل) و(مفتاح )، وقصص قصيرة .. اليوم تطلع علينا بكتابةٍ أحتكرها الرجل وحده بنسبة 99،99%؟!.
تهاطلتْ عليّ نصائحُ أشقائي وبناتي وولدي، الكل صوتٌ واحد:
نخاف عليكِ .. نخاف عليكِ.
وأغوتني ابنتي الكبرى، بالعودة لمخطوطاتي الروائية والقصصية والشعرية وثمن طباعة الكتب عليها.
ابنتي الصغرى: أول من يقرأ مقالاتي قبل النشر، مع كل مقالة تتوسلني: لا تنشريها،
فنحن في زمن تغلب فيه الجهل على المعرفة، وأخاف عليكِ..
شقيق الاكبر: اقرئي كل ما تريدين واكتبي.. أنا احب كتابة أختي وأفتخر، لكن لأنك اختي، أخاف عليكِ من هذا العنوان.. أخاف عليكِ من أذى الفسيبوك..
نسيمات تنعشني من الكل ثم تتحوّل النسيمات: تمائم في عنقي.
مع اطلالة شهر رجب وأنا ارتب مكتبتي ثمة صوت جذبني.. فجمعتُ ما صادفني من الكتب الصوفية وضعتها على المكتب وقد عزمت على دراستها..
كما انني استعرت من مكتبة عائلتي الكبيرة: عشرات من كتب الصوفية.
وحين زارتني ابنتي الصغرى، كلفتها بنبش أدغال مكتبتي
لتجمع لي ما غاب عن عينيّ من كتب صوفية، وتضعها على مكتبي.
جمعتها على مضض، وبعطاس متكرر: شكوى مفتعلة من اغبرة الكتب.
وأنا ابحث في الحاسوب ليلا سحبتني عيني اليمنى، مسحت الكتب عنوانا عنوانا،
مسدتها وغطست في تلك الليلة الرجبية..
صوت أبي يرتشف الشاي من استكانته الكبيرة المميزة
وعيون أخوتي وأخواتي وأمي .. كل العيون على شفتيه.. إلاّ أنا
وسادتي ثنية رجله اليمنى،
يأخذنا: فنرى بمرايا صوته رجلا قديما، ومنه نعرف الحسن البصري، ابن سيرين، صاحب الزنج،
أبو معيشي، إضرابات عمال النفط والموانئ والداكير،
وبصوته نكون في بلم عشاري في عيد نوروز
ومن أبي عرفت سيف بن ذي يزن، وحكاية حمد وحمود، والعارفة فدعة وعلي بن الصويح..
كأني استيقظتُ، تلفتُ: رأيت حفيدي يجرجر ثوبي ويعانقني.
ليلتها خاطبتُه: أبي، قسما بصوتك وحنوك وثقافتك
كن معي لأكون امتدادك..
قرأت… وعاودت ُ قراءة الكتب، كدستها تلالا صغيرة على مكتبي
أعانني ولدي بوضع تباعات ورقية، بين الصفحات التي احتاجها
وبالقلم والورقة، صنع لي فهرس مرجعياتي ..
عاودت القراءات من منتصف الليل إلى تنفس الصبح ومنه أتقوّت نوما ينفع يقظتي.
دخلت عالم الصوفية،صرتُ اغوص في صفحات رؤياهم،
وأغمضُ عيني لأحل في عباراتهم ..
حاولت كثيراً فزدتني رهقا،
حتى كأني صرت استعير ألسنتهم الرؤيوية واكتب وريقاتي المتواضعة،
والفضل لهم..
فقد احتملوني وأنا اكرر مساءلة نصوصهم
متنقلة من هذا الكتاب وهذا الكتاب وهذا الكتاب إلى ذاك وذاك.
انتهى رمضان الخير لكن وقت السحور لن يتخلى عني
لأن مقالاتي ليس بمقياس شهر بل شهور..
أسأل الله أن يرزقني الحكمة..
أمتناني الكبير لمن حمل / حملت مصباحا..
شكرا لقرائي لكافة التعليقات النزيهة،
شكراً لكل من علق معرفيا واستفدتُ منه،
شكري وامتناني للمرأة الوحيدة التي تحسن الذوق وبمهارة فائقة، تغرس كلماتها الفوّاحة حوّل مقالاتي.
عيدكم مبارك
وكل عام وعراقنا بخير وأمان وثقافتنا تواصل ابداعاتها
Discussion about this post